in ,

البطالة وتباطؤ النمو يتحديان مؤشرات تعافي الاقتصاد الصيني

محافظ البنك المركزي الصيني
زادت حدة مشكلات الاقتصاد الصيني خلال أول شهرين من العام الحالي وهو ما دفع معدل البطالة إلى الارتفاع بقوة، وكثف الضغوط على استراتيجية الحكومة من أجل تحفيز الاقتصاد.

وقفز معدل البطالة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال شباط/فبراير الماضي إلى 3ر5%، مقابل 9ر4% في ديسمبر الماضي، ليسجل أعلى مستوى له منذ عامين، على خلفية تسجيل الناتج الصناعي للبلاد أسوأ بداية سنوية له منذ عام 2009، ونمو مبيعات التجزئة بأقل وتيرة لها منذ عام 2012. وفي المقابل، تسارعت وتيرة الاستثمار في الأصول الثابتة كما سجلت الاستثمارات في القطاع العقاري قفزة ملحوظة خلال أول شهرين من العام.

وفي ظل تباطؤ نمو الطلب العالمي وضعف الطلب المحلي، جاءت القفزة في معدل البطالة بعد أيام قليلة من إعلان رئيس الوزراء الصيني “لي كيشيانج” عن استراتيجية “التوظيف أولا” كجزء أساسي من السياسة الاقتصادية للبلاد خلال العام الجاري.

وقالت وكالة “بلومبرج” الأمريكية للأنباء الاقتصادية إن هذه البيانات والحقائق الاقتصادية الجديدة ستدخل في حسابات صناع السياسات النقدية والاقتصادية في الصين عندما يبحثون ما إذا كان اقتصاد البلاد في حاجة إلى مزيد من إجراءات التحفيز، ومتى يمكن إطلاق مثل هذه الإجراءات .

ويقول “تومي شيي”، خبير الاقتصاد في مجموعة “أوفرسيز-تشاينيز بانكينج كورب” المصرفية، مقرها سنغافورة: “يشير ارتفاع معدل البطالة (في الصين) إلى الضغوط المتزايدة للحرب التجارية الصينية-الأمريكية على استقرار الوظائف في الصين… لكن الجانب الإيجابي هو أن الطلب مازال يتمتع بالمرونة حتى الآن. وتظهر عودة تسارع الاستثمار في الأصول الثابتة أن السياسة المالية الاستباقية للصين بدأت تؤتي ثمارها، وهي فرصة طيبة لأن نمو الاستثمار في الأصول الثابتة ربما يكون قد وصل إلى أقل مستوى ممكن ليبدأ مجددا رحلة الصعود”.

وأشارت “بلومبرج” إلى عدم وجود بيانات اقتصادية خاصة بشهر كانون ثان/يناير منفردا، حيث إن مكتب الإحصاء الوطني الصيني يجمع بيانات الشهرين الأوليين كل عام في تقرير واحد لتقليل التذبذب الذي ربما ينجم عن أيام عطلة رأس السنة القمرية، والتي عادة ما تأتي في شهر شباط/فبراير، حيث تعطل أغلب المؤسسات والشركات أعمالها بسبب العطلة التي تمتد لأكثر من أسبوع. وقد جاءت عطلة العام الحالي بالكامل في شباط/فبراير الماضي، في حين كانت نفس العطلة مقسمة العام الماضي على شهري شباط/فبراير وآذار/مارس، بحسب ما أوضحه ماو شينجيونج، المتحدث باسم المكتب للصحفيين لدى إعلانه بيانات البطالة والناتج الصناعي لأول شهرين من العام الحالي.

يأتي ذلك فيما أشار مسؤولون صينيون خلال جلسات الاجتماع السنوي لمؤتمر نواب الشعب الصيني (البرلمان) التي انطلقت مع بداية الشهر الحالي وتنتهي غدا الجمعة، إلى أن الحكومة لن تلجأ إلى نمو يعتمد على الاقتراض لمواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي الحالي، وإنما سيكون التركيز على التخفيضات الضريبية كإحدى أدوات تحفيز النشاط الاقتصادي.

وكانت الحكومة الصينية أعلنت أمام المشاركين في المؤتمر حزمة تخفيضات ضريبية تصل قيمتها إلى تريليوني يوان (5ر298 مليار دولار) وهي تخفيضات غير مسبوقة، في الوقت الذي قال فيه وزير المالية الصيني “ليو كون” إن الرقم النهائي لقيمة التخفيضات الضريبية يمكن أن يكون أعلى من هذه التقديرات”.

وكان تقرير الحكومة الذي استعرضه رئيس الوزراء أمام مؤتمر نواب الشعب تضمن تخفيضات ضريبية تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي.

وكانت العناصر الأكثر أهمية في التقرير، خفض قيمة الضريبة المضافة في قطاع الصناعة وقطاعات أخرى بواقع ثلاث نقاط مئوية إلى 13%. وقال رئيس الوزراء الصيني إنه سيتم تقليص مساهمات الشركات في خطط التأمين الاجتماعي، كما ستحظى الشركات الخاصة بفرص تمويل أفضل.
من ناحيته، قال “ماو شينجيونج ” في تصريحاته للصحفيين اليوم إن الحكومة أطلقت “مجموعة من السياسات تتضمن خفض القيود (على النشاط الاقتصادي) وخفض الضرائب والرسوم … عندما يتم تطبيق هذه السياسات تدريجيا، سيواصل الاستثمار التحرك صوب التحسن والاستقرار”.
وفي المقابل، يرى “لويس كويس” كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في مؤسسة “اكسفورد إيكونوميكس” للدراسات، ومقرها هونج كونج، إن نمو الاقتصاد الصيني سيظل تحت ضغوط خلال الأشهر المقبلة نتيجة تباطؤ الصادرات وضعف ثقة المستثمرين والمستهلكين، لكن الأمور ستتحسن خلال الربع الثاني من العام الحالي مع بدء ظهور تأثير إجراءات التحفيز وتراجع حدة التوتر التجاري مع الولايات المتحدة”.

كانت الحكومة الصينية أعلنت في وقت سابق الشهر الجاري إنها تستهدف معدل نمو اقتصادي يتراوح بين 6 % إلى 5ر6% لعام 2019، وفقا لتقرير عمل حكومي.

وستمثل هذه النسبة أبطأ نمو اقتصادي للصين منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. ونما الاقتصاد الصيني بنسبة 6ر6%، وهو الابطأ منذ عام 1990 ، وذلك بسبب الضغوط الذي فرضتها الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وارتفاع الدين الحكومي.

ويقول خبراء الاقتصاد في “بلومبرج” إن “البيانات (الاقتصادية الصادرة في الصين) تشير إلى استقرار الطلب على جانب الاستثمار ومبيعات التجزئة، في حين مازال جانب الإنتاج يفقد زخمه. وقد يستمر الاختلاف في البيانات خلال الأشهر المقبلة، حيث تشير إلى استقرار جانب الطلب خلال الربع الثاني، مع استمرار الضعف في جانب الإنتاج”.

وقالت “هيلين شياو” كبيرة محللي اقتصاد “الصين الكبرى” في فرع “بنك أوف أمريكا كورب” الأمريكي بهونج كونج، لتلفزيون “بلومبرج” إن الاستثمار العقاري في الصين سجل خلال أول شهرين من العام الحالي معدل نمو 6ر11% ، في أعلى معدل له منذ تشرين ثان/نوفمبر 2014، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى نمو الطلب الاستهلاكي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

برنامج الشارع السكندري.. قناة الحدث اليوم

أسعار الخضروات والفاكهة في الأسواق المصرية