أوصى معهد التخطيط القومي، أحد الجهات البحثية التابعة لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، الدولة بأهمية العمل على إحياء ما اسماه بـ”سياحة التراث الثقافي”، والتي تتضمن أشكال التعبير الفني والثقافي في التراث المصري، مثل الحفلات الموسيقية، والمعارض الفنية، والفنون التشكيلية، خاصة في حال تم ربطها بالمناطق التاريخية المصرية المتفردة، وليس العمران فحسب.
وأشار “المعهد”، في دراسة حديثة أصدرها تحت عنوان “سياحة التراث الثقافي المستدامة.. مع التطبيق على القاهرة التاريخية”، إن التراث الثقافي المصري غني، ولكننا نركز على الجزء المادي منه فقط، ويشمل المباني، والآثار، والتحف، والمناظر الطبيعية، إلا أن هناك كذلك تراثاً غير مادي، وهو الإبداعات الثقافية التقليدية، والشعبية، والتقاليد، والعادات، والموسيقي، والرقص، وغيرها من الأنشطة الثقافية الأخرى، والتي من شأنها أن تجذب أعداداً أكبر من السياحة الوافدة إلى مصر.
وأضاف “التخطيط القومي”، في دراسته: “يؤدي الاهتمام بسياحة التراث الثقافي إلى زيادة التدفق السياحي إلى هذه الأماكن، ومن ثم زيادة الدخل، وخلق فرص عمل جديدة، وزيادة الصادرات من التحف، والحرف اليدوية، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في تلك المناطق”.
واقترح “المعهد”، أن يتم الاهتمام بتلك السياحة في المناطق التاريخية المتميزة، ومن بينها “القاهرة التاريخية”، حيث تتمتع بشخصية منفردة، وطابع خاص، ومكانة كبرى جعلتها من أعظم مدن العالم، حيث تتواجد الحضارات الفرعونية، والرومانية، والقبطية، والإسلامية معا في قلب مدينة القاهرة، إلى جانب إدراج منظمة اليونيسكو للقاهرة كمدينة إبداعية عام 2017، ما يعد اعترافاً منها بالدور التاريخي والمتميز للقاهرة، ولمصر على الساحة الثقافية العالمية، بحسب “الدراسة”.
وأوصت الدراسة بإنشاء صندوق خاص بكل منطقة تراثية لجمع كافة الموارد المالية المتاحة، وتوجيهها لرعاية شؤون كل منطقة، مع الإحياء العمراني والحفاظ على التراث الثقافي لكل جهة، كما اقترحت الاستفادة من بعض المباني التراثية وتحويلها إلى فنادق سياحية، وترويج منتجات الحرف التراثية الموجودة داخل منطقة القاهرة التاريخية بالوسائل التكنولوجية الحديثة، وعمل معارض دولية ومحلية لها.
ومن جهتها، أثنت نادين عبد الغفار، مؤسسة سلسلة المعارض الفنية “آرت دو إيجيبت” على نتائج “الدراسة”، مؤكدة أنهم بالفعل يعملون بالتعاون مع وزارة الآثار، وتحت رعاية منظمة اليونسكو، وعدد من الجهات المسؤولة بالدولة على تنظيم معارض فنية داخل الأماكن ذات الطابع التاريخي والأثري، لإلقاء الضوء على تلك الأماكن، بجانب عرض الفنون المعاصرة، فضلا عن توفير الموارد مالية لتجديد والعناية بالمناطق الأثرية.
وأضافت “عبد الغفار: ” بدأنا في “أر دو إيجيبت ” هذه الفكرة عام 2017 تحت رعاية وزارة الآثار، ومنظمة اليونسكو بإقامة معرض “الضوء الخالد: ليلة في المتحف المصري” داخل المتحف المصري ونجحنا من خلاله في جذب أنظار السياح من المهتمين بالفنون إلى الفن المصري المعاصر الذي عرض بجانب روائع الآثار الفرعونية القديمة، كما قدمنا العام الماضي معرض” لا شيء يتلاشى… كل شيء يتحول” بمشاركة 28 فنانا مصريا على مدار شهر كامل داخل أروقة قصر الأمير محمد على بالمنيل ونستعد الآن لإقامة معرضنا الفني الثالث نهاية شهر أكتوبر القادم تحت عنوان ” سرديات معاد تخيلها” في “شارع المعز” وهى الفكرة التي لاقت ردود فعل إيجابية لدى المهتمين بالفنون الحديثة وكذلك المهتمين بالآثار والثقافة”.
وأضافت “عبد الغفار”: ” نشر فكرة تنظيم معارض فنية ومؤتمرات في الأماكن التاريخية في كل ربوع مصر، سيعمل على تعبئة الموارد للحفاظ على تلك المناطق، وتطويرها، فضلا عن إلقاء الضوء عليها، وجذب المزيد من السائحين، ويحقق منفعة كبرى للاقتصاد الوطني للبلاد، فالتراث المصري غني، ويمكننا ترويجه بشكل واسع، فمن خلال معرض هذا العام سيتحول شارع المعز إلى “متحف مفتوح”، بمشاركة العديد من الفنانين”. مؤكدة إن شارع المعز بمثابة متحف مفتوح يضم المدارس، والأسبلة، والمساجد ذات الطابع المعماري الفريد، ولن يقتصر المعرض الفني لهذا العام على عرض الأعمال الفنية فحسب، لكن كذلك عقد ورش فنية، ودورات تدريبية مكثفة لصغار الفنانين والدارسين، والمهتمين بالفنون”.