رئيس جهاز تجديد أحياء القاهرة الإسلامية: تطبيق معايير التنمية المستدامة بمشاريع تجديد العاصمة التاريخية
شهد الجناح المصري في المنتدى الحضري العالمي الذي انطلقت فعالياته اليوم تحت رعاية وحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، العديد من الجلسات النقاشية الرئيسية، ومنها جلسة بعنوان “تكامل الماضي والحاضر: إعادة تخطيط الأماكن التاريخية والمناطق المهمشة بطريقة عمرانية مبتكرة”، التي تم خلالها استعراض عمليات تطوير المناطق الأثرية والتاريخية.
وركزت الجلسة على إستراتيجية إعادة الأحياء والتطوير في أحياء القاهرة التاريخية والتي تقوم بالأساس على معايير الحفاظ على التوازن البيئي.
ويُقام المنتدى الحضري العالمي في مصر خلال الفترة من 4: 8 نوفمبر الجارى، كأول دولة تستضيفه في أفريقيا منذ 20 عامًا، وذلك بمشاركة وفود أممية ودولية رفيعة المستوى ونخبة كبيرة من قيادات المؤسسات الرائدة محليا وعالميا في مجالات التنمية الحضرية والاستدامة، ليوجه أنظار العالم صوب مصر وتجربتها التنموية الحديثة ولبحث معالجة قضية التحضر العالمي.
شارك في الجلسة، الدكتور مدحت عبدالرحمن، رئيس جهاز تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية، والمهندس محمد الخطيب، مستشار التطوير لصندوق التنمية العمرانية، والسيد/ خوسيه شونج مدير إدارة البرامج بالموئل، والمهندس محمد أبوسمرة، الأمين العام لمؤسسة تكامل لاستدامة التنمية.
قال الدكتور مدحت عبدالرحمن، رئيس جهاز تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية، إن إستراتيجية تطوير وإحياء المناطق التراثية بالقاهرة التاريخية والفاطمية اعتمدت على تفعيل معايير التنمية المستدامة، وربط عمليات التجديد بأهداف وأبعاد اجتماعية واقتصادية وبيئية.
أضاف خلال كلمته بفعاليات الجلسة، أن الحكومة تبنت إستراتيجية للتنمية المستدامة تعتمد على تحسين جودة الحياة وتراعي في تطوير المناطق التراثية والحضرية إعادة توظيفها بما يتماشى مع الأبعاد البيئية والحفاظ أيضا على ملامحها التراثية.
وأوضح الدكتور مدحت عبدالرحمن، أنه تم إنشاء جهاز تنفيذي لتجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية ليكون ذا طابع خاص برئاسة الجهاز المركزي للتعمير وتحت مظلة وزارة الإسكان.
تابع أن إستراتيجية إعادة الإحياء والتطوير في أحياء القاهرة التاريخية تقوم بالأساس على معايير الحفاظ على التوازن البيئي بالإضافة إلى مراعاة البعد الاجتماعي، بغرض الربط بين الأثر والمنطقة المحيطة وتحقيق التكامل بينهما بما يضمن تحسين جودة الحياة والرفاهية للسكان، إلى جانب استثمار الموارد والخامات والقوى البشرية في المنطقة المحيطة.
لفت رئيس جهاز تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية، إلى تركيز إستراتيجية التطوير وإعادة الإحياء والتجديد للمناطق الأثرية بالقاهرة، على البعد الاقتصادي لعمليات التطوير، والذي يتمثل في زيادة فرص العمل وربط إعادة التوظيف بالبعد الأثرى وتعزيز الشراكات مع مؤسسات القطاع الخاص والأجنبي لجذب الاستثمارات وزيادة القدرة التنافسية في مجال السياحة والآثار، مشيراً إلى أبرز مشروعات تطوير القاهرة التاريخية والتي تتمثل في تطوير قصر السكاكيني ومدينة الفسطاط.
تعزيز التنمية الحضرية
من جانبه قال المهندس محمد الخطيب، مستشار التطوير لصندوق التنمية العمرانية، إن أهداف الصندوق ودوره في السوق المصرية، يركزان على الإحياء العمراني للتراث المصري وتطوير القاهرة التاريخية، منوها إلى أن الصندوق يسعى لتكثيف الزيارات إلى القاهرة وتحقيق توازن بين الجمال المعماري والوظائف المجتمعية للمدينة، ما يعزز مكانتها كمقصد سياحي عالمي.
وأشار إلى أن خطط الصندوق تتضمن تطوير المناطق التي تمثل خطورة من الدرجة الأولى والثانية، والعمل على إحياء أكثر من 200 فدان من الأراضي التاريخية والمباني التراثية بالقاهرة.
ولفت محمد الخطيب إلى أن المشروع يهدف لتحسين الأبعاد الاقتصادية لسكان المناطق القديمة، وتعزيز الروابط بين هذه المناطق التاريخية والحديثة، ليصبح التراث عنصرًا اقتصاديًا واستثماريًا يدعم الحياة الاجتماعية ويوفر فرص عمل سياحية لأصحاب المناطق العمرانية.
وأكد أن الصندوق يعمل على تنفيذ هذه الأهداف عبر أربع مراحل رئيسية هي: الحفاظ على التراث، وتحقيق التوازن بين الجمال والوظائف، وتركيز الجهود على المجتمع، وتعزيز كفاءات الوصول والربط.
كما أشار محمد الخطيب إلى مشروع تطوير منطقة مسجد الحكيم، الذي يُعد أحد معالم التراث المصري، والذي يهدف إلى تعزيز الزيارات إليه وجعل المنطقة نقطة جذب سياحية، موكدا أن صندوق التنمية العمرانية ملتزم بإعادة إحياء هذه المواقع التاريخية، والعمل على بناء جسور مستدامة بين التراث والمستقبل، ما يعكس أصالة وروح الحضارة المصرية، مع تلبية الاحتياجات التنموية للمجتمع.
الحفاظ على حيوية المناطق التاريخية
من جانبه استعرض خوسيه شونج مدير إدارة البرامج ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “موئل”، دور الأماكن العامة في الحفاظ على التراث الحضري، مشيرا إلى أن المساحات العامة ضرورية للحفاظ على حيوية المناطق التاريخية، فهي لا تقدم فقط الجمال المادي، وإنما تعد بمثابة مساحات معيشية، حيث تلتقي الثقافة والتفاعلات المجتمعية والتراث.
وأوضح أنه في المناطق التراثية، تسهم المساحات العامة المصممة جيدًا في الشعور بالمكان والهوية، وتدعم العناصر غير الملموسة للعادات الاجتماعية والتقاليد والأنشطة المجتمعية.
ولفت إلى أن النقاط الرئيسية تشمل التفاعل المجتمعي، إذ تشكل الأماكن العامة في المواقع التراثية نقاط تجمع للمجتمع، وتعزز التماسك الاجتماعي والشعور بالانتماء، إضافة إلى الهوية والاستمرارية، حيث تجسد المساحات هوية المنطقة، وتحافظ على السرديات التاريخية وتضمن الاستمرارية بين الماضي والحاضر.
أضاف أن هذه النقاط تتضمن أيضاً القيمة الاقتصادية والاجتماعية، إذ تعمل الأماكن العامة المتجددة على جذب السياحة والنشاط الاقتصادي المحلي مع خلق مناطق آمنة تعود بالنفع على جميع السكان.
أكد أن الإرادة السياسية القوية تعتبر عاملا رئيسيا للتغيير، إذ إنها أحد العوامل الحيوية التي تمكن من التنشيط من خلال الحوكمة الملتزمة التي توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الثقافة، وإعطاء الأولوية لاحتياجات السكان إلى جانب الحفاظ على التراث.
ذكر أن “موئل” يعمل على ربط الأماكن العامة بالتراث غير المادي، حيث أن الإرث الثقافي للمكان يكمن في ممارساته وعاداته وتعبيراته غير الملموسة التي يتم الحفاظ عليها من خلال مشاركة المجتمع، منوها إلى أن تنشيط الأماكن العامة في المناطق التاريخية يسمح للمجتمعات بالحفاظ على هذه الممارسات ونقلها، والحفاظ على الذاكرة الحية للمكان.
خدمات السائحين أثناء عمليات التطوير
وقال المهندس محمد أبوسمرة، الأمين العام لمؤسسة تكامل لاستدامة التنمية، إن هناك أدوات أساسية قبل عملية التطوير في القاهرة تم النظر إليها وأبرزها منظور ثقافي، وبيئي، واقتصادي يعود على الدولة للاستفادة منه.
أضاف أنه يتم التركيز في مراحل التطوير على تقديم خدمات لجميع المواطنين، إضافة إلى إنشاء عوامل تساعد على جذب أعداد كبيرة من السائحين.
أوضح المهندس محمد أبوسمرة، أنه خلال العمل على تطوير بعض المناطق الأثرية في القاهرة تم توفير شبكة مواصلات متكاملة ومجموعة أخرى من الخدمات التي يحتاجها السائحون، إضافة إلى توفير أماكن للشرطة.
ولفت إلى أنه في عام 2018 ومع بداية تطوير بعض المناطق السياحية تم التنسيق مع أحد الخبراء الأجانب، وعقد ورشة مع جامعة المستقبل للشباب.
وذكر الأمين العام لمؤسسة تكامل لاستدامة التنمية أنه مع بداية عملية التطوير تمت ملاحظة بعض التعديات على المناطق الأثرية، وزيادة التلوث البيئي، مضيفاً أنه تم اقتراح توظيف بعض المباني المحيطة بالمناطق الأثرية في عملية ترويج للسياحة.