أحد فصول عبثية مناخ الاستثمار بمصر والتي
يرجع تاريخها الي ما قبل ثورة 2011 حيث تم نشر خبر صحفي بنهاية جلسة التدوال عن قرار تطبيق ضريبة علي تعاملات بالبورصة.
وكالعادة انتشر الخبر كالنار بالهشيم و اشتغلت التليفونات و عم الخبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي وسادت حالة من الرعب بين المتعاملين بتلك الليلة الظلماء وتوقع الهلاك غدا وكابوس انهيارات وسيل دماء تكتسي الأسهم باللون الأحمر الداكن من الخسائر.
ولما كانت حكومة ذلك العهد ناس بتوع أرقام واقتصاد… يدركوا أهمية سوق المال وتأثير الكلمة علي مناخ الاستثمار و الحقيقة كان يسهل الوصول إليهم بشكل مباشر حتي من اصغر المتعاملين بالسوق.
وهنا يحكي أحد صغار المستثمرين عن لقاء جمعهم مع الدكتور/ يوسف بطرس غالي الذي حرص علي النزول بنفسه في مساء ذات تلك الليلة بمقهى حديقة النادي اليوناني بوسط البلد وأكد لهم أن ذلك غير صحيح.
و في صبيحة اليوم التالي وقبل بداية جلسة التدوال صدر البيان الشافي الوافي الرسمي من الحكومة ينفي بشكل قاطع فرض أية ضرائب علي تعاملات البورصة وان ما تم نشره عاري تماما من الحقيقة… ودخلت صناديق مؤسسات الدولة بالشراء المكثف ببداية الجلسة مما بدد حالة الذعر والقلق تمامًا وارتفعت كافة المؤشرات وسارع الأفراد بالشراء.
ويأتي يناير 2011 بأجواءه الحزينة علي مصر وانتشار دراما َ”عاوز حقي” علي لسان كل مواطن حيث أشعلت الميديا حماس الجميع بنشرها بيانات عن أموال نظام مبارك ومليارات الدولارات المهربه…
ومسك المواطن الطيب آلة حاسبة وداعبه حلم الثراء وكيف يستمتع بحقه من تلك الثروة وتوديع سنوات الشقاء.
وما بين تلك المهاترات ظهر حديث عن مليارات حيتان البورصة إلا أكلوا الدولة ولازم ننتقم منهم وناخد حقنا.
طبعا القريب من سوق المال بتلك الأوقات العصبية بتاريخ الأمة يتذكر ان البورصة انهارت تماماً ومن معه أسهم بمليون لو حظه حلو أصبح معه 100 الف علي احسن تقدير ومن محفظته محمله بمديونية “كرديت” قطعا افلس تماما وانتهت حكايته.
ومع تلك الانهيارات غير المسبوقه ووسط ضبابية المشهد وتفتت مؤسسات الدولة وتأثير الميديا الكارثي … يتم إغلاق البورصة وتعليق التدوال لمدة 45 كاملة.
ويتنفس الصعداء من تبقي علي قيد الحياة من مستثمري بورصة مصر وياخد جرعة منوم مزدوجة لعله يغيب عن واقع كابوس لا يمكن لإنسان طبيعي تحمله.
وهنا لابد أن نشير ونؤكد لمخاطرة التعامل من خلال تمويل الشراء الهامشي للأوراق المالية والذي كان يتم وقتها عن طريق شركات السمسرة فيما يسمي “بالكرديت” بلا قيود… فقد أفلس معظمهم وانتهت روايتهم.
انقسم جمهور بورصة مصر لفريقين من ينادي بضرورة فتح البورصة واخر يؤيد إغلاقها لحين استقرار مؤسسات الدولة …
وصدر القرار بإعادة افتتاح البورصة والجميع يده علي قلبه …
وفي تلك الليلة الطويلة.. يتواجد حشد كبير من المستثمرين والسماسرة علي باب البورصة بشارع الشريفين …
السماسرة يريدوا إعادة التشغيل علي رقاب من سيفقد أمواله غدا..
ويرتفع صوت المتعاملين أصحاب المديونيات لأنهم عارفين أنهم سيفلسوا لا محالة….
في تلك اللحظة كان المسؤول بالحكومة يصعب عليك لأن الأمور تبدو انها أكبر من أي أحد….
اتذكر كنت بين الحشد علي الباب البورصة ووجدت نفسي بقوة الدفع داخل قاعة استقبال البورصة الرئيسيه علي يدك اليمين وبداخلها عدد من رؤساء البورصة السابقين وأصحاب شركات السمسرة والمستثمرين وبعض السياسيين متصدري المشهد ذلك الوقت…
والوزير/ سمير رضوان جالس علي كرسي
بين طوفان ارتفاع أصوات وهو يتصصب عرق حرفيا تشفق عليه بكرشه الكبير وتكاد تسمع أنفاسه وكلماته مع نفسه “الناس بتوع البورصة دول مش فاهم منهم حاجة”..
المهم يهز دماغه لكل من يحدثه مع نظرات خوف قلما اقترب منه أحدهم.
واتفق بعض أصحاب شركات السمسرة علي تأخير تسوية المديونية… ومر الأمر بسلام بإدارة اللواء/ محمد عبدالسلام بخبرته وحنكه.
بعيدا عن كارثة متعاملي البورصة….
أصحابنا بتوع جماعه “عاوز حقي” والتي لا تستطع بسهولة فهم أو سماع من يحدثك أو توصيل فكرة واضحة لهم….
انتشر بينهم لغط وكلام فاضي كتير عن تعاملات البورصة حتي أنه كان واضح من حديث بعض الشخصيات الكبيرة المتصدره للمشهد عدم فهم أي شي عن أسواق المال عموما وواقع حالة بورصة مصر خصوصا….
وللأسف الشديد بعضهم اصبح مسوؤلين بحكومات مما أعطي إشارة بالغة السلبية لأي مستثمر.
ولتوضيح ما يتعلق بملف علاقة الضرائب والبورصة قبل 2011…
في واقع الأمر كان هناك حوافز لقيد الشركات بالبورصة بإعفاء من الضريبة لعدة سنوات ولا ضريبة علي التعاملات….
بعض رجال الأعمال أقل من أصابع اليد الواحدة قاموا بقيد شركات ولا يتم التدوال عليها أساسا فقط لنقل حصص في سوق الصفقات عند الحاجة لذلك دون دفع ضريبة.
قبل 2011 ركزت الميديا علي صفقة كبيرة الحجم لشركة عملاقة تم بيعها لمستثمر أجنبي بنقل الملكية بسوق الصفقات بدون ضريبة…..
اعتقد هذه النقطة غير واضحة حتي اليوم لحكومة مصر …
يا سيدي خد ضريبة علي صفقات نقل ملكية كبيرة عادي إنما السوق اليتيم نفسه لا يتحمل ذلك من عدة زوايا شرحها الجميع باستفاضة….
علي فكرة لو تمت مراجعه محافظ المستثمرين بدقه منذ عودة البورصة بتسعينيات القرن الماضي لليوم ستجد أن فترات انتعاش البورصة يتم اختصارها في عكس التغيرات الضخمه بسعر الصرف على مدار السنوات…
ولذلك غالبا المتواجد بالسوق طوال الوقت يحاول تعويض خسائر سعر العمله.
المهم بعد الثورة اختلط الحابل بالنابل وتعالت الأصوات ومفيش حد فاهم اصل قصة فرض ضريبة علي تعاملات البورصة جاءت من اين؟!….
فقط يتم ترديد أن الناس إلا في البورصة “ناس أشرار وحشين ” معهم ملايين “وعاوزين ياكلوا حق مصر” ولازم يدفعوا ضريبة …
يا عم يهديك يرضيك أفهم أصل الحكاية…
مفيش فائدة…
انتوا عاوزين تأكلوا البلد ولا ايه؟!….
يا عم الناس إلا في البورصة غلابة بعضهم عنده أمراض نفسية فضلوا الهروب للتعامل خلف شاشة بمبالغ زهيدة هروباً من صعوبة التعامل علي الأرض في إدارة عمل أو خلافه…
وبعضهم علي المعاش و بعضهم فشل بالتجارة أو استقال من عمله وبعضهم رجع من الخارج بمبلغ وسنه كبر ومش عارف يعمل ايه بالبلد أساساً…. وبعضهم لا يجد عمل فاختار أن يحاول يدير محفظة يكسب منها قرشين…
المهم طبعا جاءت عدة حكومات بعد 2011 كلها لخبطة وكلمة شمال وكلمة يمين ولا في خطة للحكومة ولا معروف لها توجهات… يغلب عليها الاختيارات الشعبوية دون كفاءات… وتمر تلك الفترة حالكة السواد بتاريخ مصر.
تحديدا في 2014 في ليلة مشابهة لنفس الليلة الظلماء السابق ذكرها في البداية…
امتشق وزير المالية/ دميان سيفه وأعلن بوسائل الإعلام القضاء علي ما تبقي من مناخ الاستثمار..
بإعلانه فرض ضريبة أرباح رأسمالية علي تعاملات البورصة.
يا سيادة الوزير يهديك يرضيك الله يخليك ..
البورصة أصلا واقفة علي ربع رجل ومفيش مستثمر عاقل يضع فلوسه في تلك الظروف ولا استثمارات داخلية ولا خارجية…
أبدا قرار لا رجعة فيه…. يا سيادة الوزير كيف سيتم جذب استثمارات بدون
بورصة نشطة؟
يا عمنا البورصة كانت بوابة مصر للنقد الأجنبي في الفترة من 2008/2002 والبلد في أشد الحاجة لعملة اجنبيه…. تعمل ايه بشوية جنيهات ورق ملون ضريبة؟
للأسف إصرار .. وعناد..
تنهار البورصة ويتخرب بيوت ما تبقي فيها وفي واقع 5 جلسات علي اقصي تقدير تفلس المحافظ المحمله بتمويل هامشي وتخرج من اللعبة وينتحر كام واحد ويدخل آخريين العناية المركزة….
والوزير ولا كأنه بالبلد معنا…
تصل تدوالات البورصة لمرحلة الجفاف وشركات السمسرة تبكي عاوزين عمولات مفيش دخل وتخفض عمالة ويطلبوا دعم الصندوق.
سيل مناشدات وصراخ بالميديا ولكن اذان مغلقه تماما وكأنها تشعر بالقوة في إصدار قرار رغم انف الجميع.
يعم الصمت وتسود حالة من اليأس … يقوم بعض نواب البرلمان بسماع صوت بعض المتعاملين وتقديم طلبات إحاطة وخلافه علي استحياء… ولا يتم متابعتها جيداً.
فقد المتعاملين الأمل وانخفضت قيمة التدوال وارتفع صراخ شركات السمسرة..
ظهرت مجهودات فردية بين الحين والآخر سواء بلقاء مسوؤل أو حديث تليفزيوني مع خبير او متعامل لا يزال لديهم بعض الأمل والطاقة للحديث وسط تلك المأساة في غياب تام للحكومة عن نبض سوق المال…. فما بالك بضبابية مناخ الاستثمار ككل.
أنباء عن اجتماعات وطلب تقديم مذكرات لجهة أو أخري لبحث الموقف تنتهي بوعد دراسة الموقف…. تستيقظ علي تليفون بطلب اجتماع بجهة فتذهب بكل حيوية …. يطلب منك أحدهم مذكرة للقاء عاجل مع رئيس الوزراء…كلها بوادر لحل الأزمة.
يشعر بعض المتفائلين بالأمل ويكتب بعض الصحفيين نقلاً عن الخبراء مقترحات حلول للأزمة…..
يظهر دميان أثناء جلسة التدوال ويصرح أن القرار لا رجعة فيه …
يزداد الانهيار ..
ويتكرر نفس السيناريو مرات عديدة بنفس الخطوات بظهور دميان علي شاشات التلفزيون أثناء الجلسة ليزداد الانهيار….
حتي يصبح لدي المتعاملين مرض يسمي ” عقدة دميان” و علاجه معروف بعيادات الطبي النفسي بمصر بروشته عباره عن مضاد اكتتاب غالبا Cipralex أو Cipra pro ومنوم وتغير أو زيادة جرعه دواء الضغط…
حتي وصل الأمر للصيادله فيتم صرف الدواء مباشرة Otc بمجرد زيارة الصيدلة وتقوله انك بالبورصة….
بل وصل الأمر أن أحد المستثمرين كان يكشف لدي طبيب ويشتكي ويحكي معاناته ….فرد الطبيب ليشد من أزره ويهون عليه مصابه “ايه يعني صاحب هذه المستشفي الكبيرة حالياً بالعناية المركزة الآن بسبب خسارته في البورصة المهم صحتك”…
وتولت نائبة برلمانيه قديره اقتصادية فاهمه وشاطرة الملف بحرفية بكل تفاصيله وعرضت الأمر عدة مرات في صور طلبات إحاطة ومناقشة عامة وتم عقد جلسات نقاشية مستفيضة باللجنة الاقتصادية والتي أوصت بضرورة إلغاء هذه الضريبة الطاردة للاستثمار وان وضع بورصة مصر لا يتحملها وأن السوق بوضعه الحالي يفتقد التنافسية مع اسواق المنطقة…
ونحن بحاجة لمحفزات لجذب الاستثمارات وليس منفرات بهذا الشكل… وتم التأكيد علي دور البورصة في جذب الاستثمارات الأجنبية كما هو موثق بشهادة الدكتور/ محمود محي الدين… علي الهواء بالعديد من اللقاءات والمؤتمرات وضرورة إلغاء أية قيود أو ضرائب علي البورصة..
بعد الدمار الشامل الذي أصاب السوق يدرك دميان أن مفيش أحد كسبان أساساً وقصة ضريبة الأرباح الرأسمالية مش نافعه ولا توجد حصيلة…
قالك نغير اسمها ونخليها ضريبة الدمغه علي جميع التعاملات…. نزولاً علي رغبة الجماهير.
تعود الدماء للسوق ويحاول بعض من تبقي من متعاملين لملممة جراح محفظته ويقترض قرشين من هنا وهناك ويتعايش مع الأمر الواقع وتستمر ضريبة الدمغه التي اعتاد عليها المتعاملين كالدواء المر لا مناص منه.
وبعد الهدوء تهب عاصفة عاتية من جديد علي لسان وزير مالية اخر الدكتور/ معيط …
وتكرار المسلسل وكأنه فيلم هندي ممل معروف نهايته بفشل التطبيق بعد معاناة الجميع.
سبحان الله كل وزراء مالية مصر بخلفية مصلحة الضرائب…
وهذا يفسر ضعف مالية الدولة القائمة علي الجباية فقط لا غير دون أية إبداع في استخدام الأدوات المالية لرفع شأن ميزانية الدولة…..
مع كارثة عدم وجود وزير استثمار…. وكأن الاستثمار ليس من أولويات المرحلة!
وعموما كنت تشعر في تلك الأوقات أن وجود المسؤول والعدم سواء…. لا احد يسمعك.. والقرارات بلا طعم.. يدرك الصغير والكبير أنها لا تتوافق مع حجم وطبيعة السوق.
نرجع لأصل الحكاية.. تنهار البورصة ويتم إعادة نفس السيناريو حرفيا….
ولقاءات وتصريحات وإعادة مسلسل يهديك يرضيك…
بعد دمار السوق يتم العودة لضريبة الدمغه تدريجيا بديلا عن فكرة ضريبة الأرباح الرأسمالية….
ويعم الهدوء السوق ثلاث سنوات….
حيث اعتاد الجميع علي الأمر …
ليظهر معيط ورأسه الف سيف بتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية..مرة أخرى.
يتخرب بيت الجميع كلاكيت عاشر مرة..
هذا بالإضافة للمشاكل المتراكمة بسوق المال في ذات الوقت من عدم وجوده في بؤرة اهتمام الدولة مع ترك الامر لموظف سلطوي علي رأس منظومة سوق المال… يعرف عنه طموحه الجامح في الوزارة وعنده استعداد يبيع اي شي في مقابل حلمه….
ولا تمر جلسة مع صحفي إلا ويذكر له أنه قادم بالتشكيل الوزاري القادم…
وحينما يظهر التشكيل بدونه يقولك أنه جاري إضافة وزراة جديده يتولي حقيبتها قريبا.
ويستمر حلمه وينفذ تعليمات أي جهة دون الدفاع عن السوق بأي شكل بتوضيح مدي تأثير كارثة الضريبة علي سوق هش يفتقد أدني معايير التنافسية مع الأسواق المحيطة…
فالأمر لا يعينه في شئ ولا يهمه خسائر المستثمرين والمصيبة أن الدولة هي المستثمر الأكبر بالشركات المقيدة وهي الخاسر الأكبر من تدمير أسعار الأسهم وانخفاض جاذبية السوق ؟!
وبالتالي عدم القدرة علي نجاح الطروحات….
بدل من محاولته حل الازمة بتوضيح الأمر للحكومة زاد الطين بلة بالتدخل في التعاملات وآليات العرض والطلب والغاء عمليات و إصدار قرارات طفشت حطب الأرض من المتعاملين بالداخل والخارج وأصبح سوق خانق ….
حتي قال أحد مديري الصناديق الأجنبية في اجتماع رسمي مسجل عبر تقنية زووم عبارته الشهيره
“uninvestable market”
سوق غير قابل للاستثمار.
تتعالي آهات المتعاملين الغلابة والدموع … وسيادة الوزبر راكب دماغه…
يمر عام ونصف والسوق مشلول حرفيا بلا تداولات تذكر …
وهنا يظهر وجه جديد لوزير المالية الدكتور/ معيط في التلاعب بالتصريحات…
وبعد عشرات اللقاءات وبعض الاجتماعات مع رئيس الوزراء للاسف بحضور ممثلين عن السوق كلهم أصحاب مصالح واضحة من شركات السمسرة وإدارة محافظ وخلافه ولم يتم حضور المستثمرين أصحاب الشأن…
لدرجة يظهر بالقاء صورة محلل فني…
صراحة مش عارف ايه علاقته حتي اليوم بشرح ملف الضريبة لرئيس الوزراء.
تظهر تسريبات مخجلة عن اجتماع ذوي المصالح مع الحكومة….
للأسف تشير الكلمات الي فهم ضحل للحكومة حول ما يحدث بالبورصة مثل قول مسوؤل كبير أن القيمة السوقية للسوق في أحد السنوات ارتفعت 70 مليار …
وقال المسؤول الكبير بالاجتماع …
أن حق مصر 10 مليار ضريبة… للأسف لم يكن ذهن أحدهم حاضر ليرد عليه أن إجمالي التدوال الحر في هذه اللحظة 28% فقط من السوق… يعني ارتفاع القيمة السوقيه علي الهواء مجرد حبر علي ورق ….
وأن حجم التدوال والسيولة أساسا لا يسمح بخروج ربح محقق بهذا الحجم حتي يستحق عليه ضريبة.
و يتم تفصيل تعديلات علي قانون الضريبة بحيث يتم تحصيل ضريبة دمغه علي تعاملات الأجانب واعفاء الصناديق والمؤسسات وفرض ضريبة أرباح رأسمالية علي الأفراد… بعد خصم عوائد الفرصة البديلة بدون مخاطر … وتكلفة التمويل…
كيف تحسب تكلفة التمويل؟ كل شركة تقوم بحساب العميل بشكل مختلف… والعميل فاتح تمويل من عدة جهات سواء بنوك أو شركات السمسرة بأسعار تمويل مختلفة….. معظم المحافظ بها خسائر مرحلة… علي اي رصيد افتتاحي المحفظة سيتم حساب ضريبه تحقيق أرباح علاوة علي خسارة فرق سعر الصرف…
طبعا تشعر من مجرد سرد البنود سالفة الذكر أنها توليفة من محل بقالة في زقاق متواضع داخل حارة ضيقة من روايات عمنا نجيب محفوظ….
ولا يمكن تطبيقها علي بورصة مفترض أنها منافسة لأسواق المال الأخري وتسعي لجذب الاستثمارات….
ترقيع تعديلات توحي للوهلة الأولى بعدم العدالة في تكلفة التدوال. وأنها بورصة في شرنقة مع نفسها أشبه بجبلاية قرود مع نفسها بعيدا عن العالم.
وتشعر بمدي الأزمة حينما تسأل مقدمة أحد البرامج الاقتصادية علي الهواء مستشار وزير المالية للسياسات الضريبة لسوق المال ….
كيف سيتم حساب تكلفة المارجن؟
فكان الرد الصاعقة…. يعني ايه مارجن؟
اليوم التالي يتم استبعاد هذا المسؤول من منصبه ونقله.
طبعا مر العام بخسائر فادحة لجميع المحافظ.. وهنا تفقد ذهن الدكتور/ معيط بتأجيل التنفيذ طالما كده كده مفيش حصيلة ….
ويمر عام بعد عام ويتم التأجيل وحين سؤال دكتور/ معيط في أحد الاجتماعات كان رده الصاعق: “يا سيدي انتم زعلانين ليه احنا عملنا قانون ضريبة ولم يتم تنفيذه وانتم لم تدفعوا شي”…
كلام مسوؤل بهذا الشكل يوضع تحته مليون خط…
يعني حضرتك تركت البورصة تنهار سنوات ويتكرر المسلسل وتدرك مدي تأثيره وكأن الأمر برمته لا يعينك في شي!!
كيف الدولة تتحدث عن جذب استثمارات ووزير ماليتها غير مهتم بانهيارات البورصة بسبب من صنع يديه دون مراجعة احد؟!
مع أية احداث سلبية تنهار البورصة وتظهر مدي هشاشتها لسبب أو لآخر…
ويتجدد الحديث عن الضريبة ليظهر الدكتور/ معيط بتصريح يدرك اصغر متعامل خلف الشاشة أنه هراء حينما يقول:
“لم ولن نفرض أية ضريبة جديدة علي البورصة”.
خد بالك من كلمة “جديدة” اصل الحكايه…
يا عم احنا عارفين أن مفيش ضريبة جديدة احنا نتكلم عن القانون القديم إلا حضرتك فرضته ويستحيل تطبيقه…
وضعته شوكه في حلق بورصة مصر….
حتي أن بعض أصحاب نظرية المؤامرة مقتنعين أن هذه الفزاعة مقصودة لكي يتم فتح الموضوع من وقت لآخر لتنهار أسعار الأسهم ثم يظهر خبر التأجيل بعد فترة من شراء بعض المستفيدين .
يستمر انهيار البورصة… ويتم التأجيل… وتفقد البورصة بريقها كمان وكمان…..
ويرحل معيط ويستمر قانونه الفاشل وكأنه يدرك تماما استحالة تطبيقه فيتم “ترحيل المشكلة لمن سيأتي بعده”…
ويمكنك ببساطة الوصول لعلم اليقين حول التأثير الكارثي لكلمة ضريبة علي بورصة مصر….بمجرد نظرة علي شارت تاريخي حيث يتضح أنه بمجرد تجدد الحديث بملف الضريبة تنهار اسعار الأسهم…
وتستمر في الهبوط العنيف حتي تصل لمرحلة جفاف التدوالات…. ويستمر الأمر هكذا لفترات طويلة لحين ظهور انفراجة بتأجيل التطبيق..
واخيرا يدب الأمل وتسري الدماء بالأطراف المتيبسة.
وتسمع خفقان قلب المستثمرين فرحا أكثر من صرخة نيوتن “بتفاحة قانون الجاذبية… وجدتها….وجدتها”..
ويتم تغير قيادات منظومة سوق المال ما بين الرقابة المالية والبورصة… وتأتي وجوه محترمة مشهود لها بالكفاءة وحسن التعامل مع الجميع كبير وصغير بصدر رحب…
ويتم فتح ملف الضريبة في محاولات حثيثة غرضها في المقام الأول مصلحة الدولة وإزالة العقبات أمام مناخ الاستثمار…. وتشجيع برنامج الطروحات.
ويتم تعيين وزير استثمار بالحكومة الجديدة… الحمد لله…
البلد شعرت بأهمية جذب الاستثمارات…
ويعد اسبوعين من التعين في لقاء ما بين وزير الاستثمار الجديد ورئيس البورصة….
يصرح وزير الاستثمار رسميا “دراسة إلغاء ضريبة الارباح الرأسمالية علي البورصة خلال اسبوعين”.
في مساء ذات اليوم يصدر تصريح عن وزارة المالية علي لسان رئيسة مصلحة الضرائب “أننا ندرس آليات تنفيذ ضريبة الأرباح الرأسمالية علي البورصة”.
ويمر علي تصريح وزير الاستثمار أكثر من شهرين….ولا جديد تحت شمس المحروسة!
عاوز تتجنن بجد…. تصدق أنه يتخلل مسلسل الضريبة الطاردة للاستثمار بكافة تفاصيلها.. تصريحات من الحكومة عن خطط طروحات علي مدار 10 سنوات كاملة لا يتم تنفيذها ..
والإعلان عما أطلق عليه قبل عامين بالمؤتمر الصحفي العالمي عن محفزات لتنشيط البورصة وأهمية سوق المال وجذب الاستثمارات…
وكأننا نتعامل مع مستثمرين فاقدي الأهلية أو الذاكرة …
أو أن الدولة لا تحتاج استثمارات أساسا لا من الداخل ولا الخارج….