مرت 575 سنة على إطلاق مدفع الإفطار منذ انطلق لأول مرة في مصر عام 865هـ عندما أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا وصادف إطلاقه وقت المغرب أول أيام رمضان، في وقت لم يكن العالم قد عرف فيه وسائل الإعلام والاتصال الحديث.
ومدفع رمضان هو مدفع يستخدم كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة عن هذا الموعد، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية بحيث تقوم الجهة المسئولة بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس معلنا فك الصوم خلال شهر رمضان.
فمدفع الإفطار هو القذيفة الوحيدة في العالم التي تطرب لصوتها الآذان، لأنه الإشارة الحاسمة إلى إعلان موعد فك الصيام، فكان المصريون يستعدون ينصتون جيدا لسماعه، استعدادا لتناول أطعمة رمضان الشهية.
“مدفع الإفطااااار..اضرب”..عبارة يقولها المدفعجي قبيل الأذان، عقب سماع القرآن بصوت الشيخ محمد عبده أو عبد الباسط عبد الصمد، لتنطلق قذيفه من ماسورة من الصلب ترتكز على قاعدة من حديد، بعدها تلتف العائلة حول مائدة الطعام، حيث ارتبط المدفع بالشعور بالدفىء والحنان.
ويعد مدفع رمضان من أهم العادات الرمضانية وله قيمة تاريخية عند العرب من المحيط إلى الخليج منذ قرون عدة.
وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ – ومع زيادة الرقعة المكانية وانتشار الإسلام – أن يبتكروا الوسائل المختلفة إلى جانب الأذان للإشارة إلى موعد الإفطار، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود.
وكانت القاهرة عاصمة مصر أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب وظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها.
وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك، وهناك رواية تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.
وبدأت الفكرة تنتشر في أقطار الشام أولا، القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، ثم انتقل إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالي ودول شرق آسيا حيث بدأ مدفع الإفطار عمله في إندونسيا سنة 1944.
وكذلك استُخدم مدفع الإفطار في مكة المكرمة كغيرها من المدن السعودية، إذ اعتاد السعوديون عامة، وأهالي العاصمة المقدسة خاصة، وجود مدفع رمضان الذي يكون إلى جانب الأذان، مؤذنًا بالإفطار تارة، وبالإمساك وقت السحور تارة أخرى.