وفي حين ستتحدد شدة معاناة الاقتصاد العالمي من تداعيات ارتفاع أسعار النفط، على أساس مدة استمرار الأسعار المرتفعة، فإن هذا الارتفاع سيبدد الثقة الهشة للشركات والمستهلكين في الأوضاع الاقتصادية، في ظل تداعيات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وتباطؤ الطلب العالمي.
في الوقت نفسه، تراجع أداء قطاع التصنيع في مختلف أنحاء العالم، مما أثر على نمو القوى الاقتصادية العالمية الكبرى، وبخاصة الصين وألمانيا.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء
اليوم الاثنين
عن روبل سوبارامان كبير خبراء الاقتصاد الكلي في فرع شركة الاستشارات المالية “نومورا هولدنجز” في سنغافورة القول: إن “التطور السلبي الحالي في إمدادات النفط العالمية، في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، هو أمر لم نكن نريده الآن”.
وجاء ارتفاع أسعار النفط، في ظل تزايد علامات التحذير بالنسبة للاقتصاد العالمي. فقد أشارت البيانات الاقتصادية الصادرة في الصين اليوم،إلى أسوأ أداء للناتج الصناعي الصيني في شهر واحد منذ 2002. وفي تموز/يوليو الماضي خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي التي وصلت بالفعل إلى أقل مستوياتها منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في خريف 2008.
ويتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 2ر3% خلال العام الحالي، ثم بمعدل 5ر3% في العام المقبل، إن تحقيق معدل 3ر3% أو أقل من ذلك، سوف يكون هو الأسوأ منذ عام 2009
ويتفاوت تأثير ارتفاع أسعار النفط على دول العالم. فالاقتصادات الصاعدة التي تعاني حاليا من عجز في الحساب الجاري والميزانية، مثل الهند وجنوب أفريقيا ودول أخرى، ستعاني من خروج كبير لرؤوس الأموال مع تراجع قيمة عملاتها.
أما الدول المصدرة للنفط فتستفيد من زيادة إيرادات الشركات والحكومة، في الوقت الذي ستعاني الدول المستهلكة للنفط من ارتفاع أسعار الوقود بما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم وتراجع الطلب الاستهلاكي بشكل عام.
وستواجه الصين مخاطر كبيرة، باعتبارها أكبر دولة مستوردة للطاقة في العالم، نتيجة ارتفاع الأسعار، كما ستتضرر الكثير من الدول الأوروبية التي تعتمد على استيراد الطاقة أيضا.
وفي حين لا يمثل تأثير أسعار النفط على التضخم هاجسا آنيا، فإن القلق الأكبر يتمثل في تراجع الطلب العالمي الضعيف بالفعل.
ونقلت بلومبرج عن “لويس كوجيس” خبير الاقتصادات الآسيوية في مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس” في هونج كونج القول إن “التضخم ليس قضية في اللحظة الراهنة.. لكن نقص إنتاج النفط وارتفاع الأسعار سيحد من القدرة الشرائية، وبالتالي سيؤثر على الإنفاق في هذه اللحظة الحرجة للاقتصاد العالمي”.
كان تحليل صادر عن صندوق النقد الدولي في 2017 قد أشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 10% سنويا سيقلص إجمالي الناتج المحلي للعالم بمقدار 1ر0 نقطة مئوية لمدة عامين.
في الوقت نفسه، فإن الأنباء الواردة من السعودية ستعزز فرص البنوك المركزية في العالم لتخفيف السياسة النقدية في ظل توقعات بارتفاع أسعار الطاقة، والتي ستؤثر على المستهلكين.
يقول ديفيد مان كبير خبراء الاقتصاد في بنك “ستاندرد أند شارترد” في سنغافورة إن تطورات سوق النفط ستضيف مبررات جديدة لدى البنوك المركزية لكي تواصل السير في طريق تخفيف السياسة النقدية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال بنيامين ديوكونو محافظ البنك المركزي الفلبيني إن أسعار النفط المرتفعة ستكون على مائدة صناع السياسة النقدية في البنك المركزي عند اجتماعهم في الأسبوع المقبل لمراجعة السياسة النقدية وتحديد أسعار الفائدة. كما يعقد البنك المركزي الإندونيسي اجتماعا لمراجعة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل، في حين توقع معظم المحللين، ممن تم استطلاع آرائهم قبل وقوع الهجوم على منشآت النفط السعودية، خفض أسعار الفائدة الإندونيسية بواقع25 نقطة أساس.