أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن هناك تكليفًا رئاسيًا بإيجاد آليات وأدوات سريعة لفض المنازعات الضريبية دون اللجوء للمحاكم، وحتى إن استدعى الأمر إجراء بعض التعديلات التشريعية؛ حيث إن طول مدة التقاضى يضطر الممول لحجز مخصصات مالية لسنوات طويلة بدلاً من توظيفها فى الاستثمار أو دفع حق الدولة منها، لافتًا إلى أن المتغيرات العالمية المتلاحقة تعكس تزايد حجم الاقتصاد الرقمى والتجارة عبر الإنترنت الذى يتطلب التعامل بطريقة غير تقليدية لتحصيل حق الدولة من خلال منظومة ضريبية متطورة محفزة للاستثمار.
قال، فى ندوة «تطوير وتحديث المنظومة الضريبية فى ضوء الخطط المستقبلية لوزارة المالية والتشريعات الضريبية المقترحة» التى أدارها شريف الكيلانى المدير الإقليمى لشركة «إرنست آند يونج» بالشرق الأوسط، إنه تم الانتهاء من إعادة هندسة إجراءات ضرائب الدمغة، والقيمة المضافة، والدخل، وتوحيدها وتبسيطها، وإيجاد هيكل إدارى لمصلحة الضرائب المصرية، وتم توفير المظلة التشريعية لذلك بإحالة قانون الإجراءات الضريبية الموحدة إلى مجلس النواب، وبالتوازى مع ذلك يتم تسريع وتيرة العمل بمشروع ميكنة الإجراءات الضريبية الموحدة وتيسرها.
أضاف أنه تم الانتهاء من إعداد أول مسودة مبدئية لمشروع قانون الضريبة على الدخل، الذى لم يتضمن أى مساس بسعر الضريبة أو تغيير فى السياسة الضريبية أو الاستثناءات أو الحوافز أو الإعفاءات الضريبية، وسيتم طرحه للحوار المجتمعى خلال الفترة القليلة المقبلة؛ فنحن نستهدف التوصل إلى قانون صديق لبيئة استثمار جاذبة، يراعى أحدث نظم الميكنة؛ بما يُسهم فى توفير المزيد من فرص العمل وتعظيم القدرات الإنتاجية وتعزيز بنية الاقتصاد القومى، موضحًا أنه سيتم أيضًا تعديل قانون ضريبة القيمة المضافة لتلافى بعض الملاحظات التى تكشفت خلال التطبيق العملى للقانون الحالى.
أشار إلى أن مجلس الوزراء، وافق على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية، بحيث يشترط لخضوع الأراضي الفضاء لهذه الضريبة، أن تكون مُستغلة سواء كانت مُلحقة بالمباني أو مستقلة عنها، مسَّورة أو غير مسَّورة؛ وذلك لتخفيف العبء الضريبي عن أصحاب المصانع، بعد أن كانت الضريبة تفرض على الأراضي الفضاء الموجودة بالمصانع، إضافة إلى منح مجلس الوزراء الحق في إعفاء العقارات المبنية المستخدمة فعليًا في الصناعات والخدمات الاستراتيجية التي يحددها المجلس وفقًا لمقتضيات الضرورة التى يفرضها الصالح العام؛ وذلك بما يتسق مع جهود الدولة لتحفيز مناخ أداء الأعمال.
أكد وزير المالية أنه تم الاتفاق مع البنك المركزى على عدم تجميد حسابات الممولين الذين لم يسددوا الضرائب وأن يقتصر الأمر على تجنيب قيمة الضريبة المستحقة للدولة فقط، موضحًا أن مصلحة الضرائب المصرية تحرص على التواصل أكثر من مرة مع هؤلاء الممولين وفى حالة إصرارهم على الامتناع عن أداء الضريبة المستحقة لخزانة الدولة تضطر المصلحة لإخطار البنك المركزى لتجنيب المبلغ المستحق للدولة فقط.
أوضح أن ميكنة المنظومة الضريبية سوف تسهم كثيرًا فى ضبط المجتمع الضريبى بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة الضريبية، والحد من التهرب الضريبى، ودمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، ورفع كفاءة التحصيل الضريبى وتحصيل حق الدولة، لافتًا إلى أن أعمال الميكنة للأسف كشفت حالات تهرب كثيرة جدًا ويتم التعامل معها بمنتهى الحسم؛ فمثلاً قاعدة بيانات «القيمة المضافة» تضم ٢١٦ ألف ممول بينما تضم قاعدة بيانات «ضريبة الدخل» ٣ ملايين ممول، وبالبحث تبين أن ١٩٢ ألفًا فقط مسجلة منها ١٢٠ ألف حالة تقدمت بإقرار صفرى أى ليس عليه ضرائب بما يعنى أن اقتصاد مصر في القيمة المضافة يقوم على ٧٠ ألفًا ممول فقط نصفهم أقل مما يقدره «السيستم» وفق منظومة الإقرارات الإلكترونية، وعلى ضوء ذلك تم تنظيم عدة حملات ميدانية شملت ١٠ آلاف منشأة أظهرت أن ٥٢٪ منها غير مسجلة، بعضها لحالات فى السلاسل التجارية الكبرى يدفع أصحابها ما يقرب من ١٥ ألف دولار إيجار شهريًا، وقد تم رفع عدد المسجلين فى «القيمة المضافة» إلى ٥٥٥ ألفًا، نتيجة لهذه الحملات.
قال إن من المفاجآت المؤسفة أيضًا أن منظومة الإقرارات الإلكترونية كشفت أن هناك من يقوم بتحصيل ضرائب القيمة المضافة من المواطنين ويمتنع عن توريدها للخزانة العامة للدولة، موضحًا أن هذا العام سوف يشهد التوسع فى أعمال الميكنة من خلال الاستفادة من الخبرات الدولية، ومن المقرر أن تكون كل فواتير مصر مميكنة بشكل لحظى؛ بما يضمن ضبط آليات السوق واستيداء حق الدولة، لافتًا إلى أن ١٨٪ من الفواتير المقدمة وهمية، وأن هناك شركات متخصصة فى إصدار مثل هذه الفواتير الوهمية.
أضاف أنه سيتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة بلورة منظومة متكاملة لنظام عمل مكاتب وشركات المحاسبة بحيث يتم التعامل الحاسم لكل مخالف يخرج عن السياق المهنى المنضبط وفقًا للمعايير والأصول المهنية؛ وذلك للحفاظ على المكاتب والشركات التى تلتزم بالأعراف والقواعد المهنية وتحرص على سداد مستحقات الدولة.
أشار إلى أن هناك أولوية متقدمة لتطوير القدرات البشرية بمصلحة الضرائب المصرية وفق أحدث الخبرات والتكنولوجيات العالمية، من خلال الاهتمام بالتدريب المهنى والتقنى للعاملين، وضخ دماء جديدة من الشباب، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية للمقار والمأموريات الضريبية؛ بما يخلق بيئة عمل ملائمة، ويُعزز جودة الأداء، ويرفع كفاءة المنظومة الضريبية، ويُسهم فى تحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية على النحو الذى يساعد فى الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم.
أكد أنه سيتم، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، الانتهاء من الميكنة الكاملة للإجراءات الجمركية بالمركز اللوجيستى بمطار القاهرة الدولى، بما يستهدف الكثير من التيسيرات للمستثمرين، مشيرًا إلى تشكيل لجان مشتركة دائمة تضم كل الجهات المختصة تتولى إجراءات المعاينة والفحص والرقابة للبضائع المستوردة، أو المُصدرة، وسحب العينات في وقت واحد؛ تيسيرًا على المتعاملين مع الجمارك، وهناك تحركات إيجابية لإرساء دعائم الشراكة الوطنية بين مصلحة الجمارك وشركات القطاع الخاص من خلال تطبيق «برنامج الفاعل الاقتصادي» على أن يمتد أيضًا للشركات الصغيرة والمتوسطة بحيث تستفيد من مزايا الإفراج بنظام «المسار الأخضر» لشركات «القائمة البيضاء».
وردًا على سؤال حول المسئولين الذين يحيدون عن واجباتهم الوظيفية، قال الوزير: «لا أحد فوق القانون، أو المساءلة، أو المحاسبة، ومصلحة مصر فوق كل الاعتبارات».
أكد شريف الكيلانى المدير الإقليمى لشركة «إرنست آند يونج» بالشرق الأوسط، أن وزارة المالية تقود سلسلة من الإصلاحات الهيكلية لتحديث منظومة الإدارة الضريبية وميكنتها، باستخدام الآليات التكنولوجية المتطورة، وتهتم فى الوقت ذاته بتنمية القدرات البشرية من أجل الوصول إلى منظومة ضريبية محفزة للاستثمار، على النحو الذى يُسهم فى توسيع القاعدة الضريبية من خلال الحصر الحقيقى للمجتمع الضريبى دون المساس بسعر الضريبة، مشيرًا إلى الجهود الملموسة للحكومة المحفزة لدمج الاقتصاد الموازى فى الاقتصاد الرسمى؛ بما يساعد فى تعظيم الإيرادات العامة للدولة، وتعزيز أوجه الإنفاق على الصحة والتعليم.