أكد محمد خضير رئيس هيئة الاستثمار الأسبق، أن ما يمر به العالم حاليا بأزمة «كورونا» هو تحدي غير مسبوق، وترتب عليه انكماش ضخم في النشاط الاقتصادي بمصر والعديد من الدول العربية الشقيقة.
وأضاف في تصريحات صحفية اليوم ، أنه لا زالت هناك قطاعات تعمل وتشارك في دورات عجلة الإنتاج، ونلاحظ أيضا أن بند الأجور في عدة قطاعات لا يزيد عن 25% من المصروفات، والحكومة المصرية حتى الآن لم توقف النشاط كليا وقدمت مع البنك المركزي حزم دعم متنوعة .
وأوضح «خضير» أن طبيعة هذه الأزمة في الأساس إنسانية وهذا محور هام لفهم ما يجب أن يكون عليه إطار عمل المؤسسات، فالموضوع ليس فقط مسألة إدارة تدفقات نقدية فالأمر جلل و أكبر من ذلك بكثير، صحيح أنه بدون تدفقات نقدية يعجز النشاط إلا أن المسألة يجب ألا تقتصر على ذلك، أو على الأقل ليس بهذه السرعة، والقيادة الحقيقية تُختبر في المؤسسات وقت الأزمات، ولعل هذه الازمة وتعقيداتها من أصعب الاختبارات التي ستبرز معادن القادة الحقيقيين.
وأشار إلى أن الموضوع لا يقتصر على الإطار الإنساني فقط، وكل المؤسسات التي تتصرف على نحو غير إنساني ستتأثر من الناحية الاقتصادية والاستثمارية من عدة أوجه، وسيتذكر المستهلك جيدا الشركات التي لم تحافظ على إنسانيتها في التعامل بشكل سيؤثر سلبا على الـ”Branding” الانطباع الذهني عن المؤسسة أو ما يسميه أهل القانون “السمعة التجارية” بما سيكبدها خسائر فادحة بعد انتهاء الأزمة لا يمكن تداركها لأنها ستكون صدرت مشهد عدم قدرتها على الصمود أمام بدايات الأزمة.
وشدد «خضير» على أن كل مؤسسة تتبع إطار حوكمة سديدة يجب أن يكون لديها احتياطات تغطي مصروفاتها لبضعة أشهر حتى الناشئة منها، وهو بكل تأكيد ما توصي به قواعد الحوكمة وتوصيات مراقب الحسابات عند مراجعة الميزانيات، ولذلك فإن التعجل عن الحديث بشأن خطوات تسريح عمالة أو تدابير احتياطية على حساب العاملين سيكون له خسائر اقتصادية فادحة على المدى الطويل بجانب السمعة التي ستهدم لمثل تلك الشركات، فالوقت الحالي يقتضي نظرة استراتيجية تشمل تقديرا شاملا للموقف بما في ذلك كلفة استرداد العمالة المدربة إن فقدت، بجانب كلفة تعويض تلك العمالة التي يحميها القانون المصري من خلال ضوابط صارمة .
ونوه أنه إذا لم يتعافى الوضع الاقتصادي قبل نهاية العام ستكون هناك آثار اقتصادية على الجميع وستخرج من السوق شركات كثيرة لأن طبيعة العرض و الطلب ذاتها تتغير في كل القطاعات نتيجة للأزمة، لكن الآن هو وقت القيادة الحقيقية ذات النظرة الكلية التي لا تقتصر على الأرباح وإنما تتقدم الصفوف لتحمي من تقود ولو على حسابها هكذا تظهر معادن القادة في الأزمات، و أنا على يقين أن الأزمة ستنحسر في خلال الأسابيع القادمة بإذن الله ونتمنى للجميع السلامة والعافية.
واختتم رئيس هيئة الاستثمار الأسبق، بأن الفترة الحالية برغم صعوبتها إلا أنها تعد فرصة ذهبية لإعادة ترتيب ملف الاستثمار والاستعداد للتعامل مع الملف والنظر في سياسات جذب الاستثمارات في ضوء المتغيرات الحاصلة وعالم ما بعد كورونا واستكمال إجراءات تفعيل أحكام قانون الاستثمار، مؤكداً تفاؤله بمصر دائما والأمل عبادة يتمسك بها في كل وقت، ولعل هذه الوقفة الإجبارية من المولى عزوجل، فرصة للجميع لإعادة التدبر والتفكر في كل الحسابات و استنهاض القيم الروحية والإنسانية.