أعلن محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية عن صدور تقرير “الاستدامة السنوي 2019” للهيئة للعام الثاني على التوالي، ونشره على موقعها الإلكتروني مشددا في أولى سطوره على تحمل الهيئة لمسئولية دعم وتطوير وتنمية الأسواق الخاضعة لرقابتها، والتأكيد على اهمية التمويل المستدام كأحد أهم الأدوات الرئيسية لنمو الاقتصاد في المستقبل القريب، وما تفرضه التطورات الدولية الحالية في مجال الاستدامة من الإشراف القوي على تنظيم الانتقال التدريجي نحو نظام تمويل مستدام وسوق يتسم بالاستدامة.
ودعا د. عمران كافة الشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بالعمل طواعيةً من أجل دعم مفهوم الاستدامة في هذا القطاع الحيوي الذي شهد حجم إصدارات للأوراق المالية بالسوق الأولى لما يقرب من 220.4 مليار جنية في عام 2019، وإجمالي استثمارات لشركات التأمين بلغ 102 مليار جنيه بنهاية يونيو 2019، مما يؤهله لتبنى ممارسات الاستثمار المسؤول والإفصاح طبقاً للمعايير البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات، ودمج التغيرات المناخية كمخاطر للسوق، والامتثال للوائح المستقبلية المرتبطة بالاستدامة. وأن ينصب تركيزنا في المستقبل على إدارة تحديات الحاضر التي قد تعوق التحول نحو الاستدامة وتحمل مسؤوليتنا نحو إعداد السوق لواقع جديد.
وقال رئيس الهيئة أن أقسام التقرير العشرة تترجم إقتناع الهيئة الكامل بأهمية التنمية المستدامة كمسار للوصول إلى واقع اقتصادي واجتماعي وبيئي عالمي جديد، وهو ما دفعها الى أن تأخذ على عاتقها مسئولية إطلاق برنامج عمل استباقي يعزز السياسات واللوائح التنظيمية والممارسات المتعلقة بالاستدامة للعبور بأمان لمستقبل الأسواق المالية غير المصرفية.
ويحظى التقرير بأهمية لدى القطاع المالى غير المصرفي لما يرصده من محصلة للجهود السنوية للهيئة للكشف عن ممارسات الاستدامة والقرارات التنظيمية المرتبطة بها، ومجمل مجهوداتها على الصعيد الداخلي للهيئة باعتبارها مؤسسة، وعلى الصعيد الخارجي الموجه لأصحاب المصلحة في الأسواق المالية غير المصرفية، كما يوثق التقرير لكافة الفعاليات التي حدثت في عام 2019، مشتملاً على بعض المعلومات التي وردت في تقرير الاستدامة السنوي للهيئة الصادر عام 2018، والتي تعد ضرورية وذات صلة بسياق تقرير هذا العام.
كما ترجع أهمية تقرير “الاستدامة السنوي 2019″ لما يتضمنه من تفاصيل للمنهج المتبع من جانب الهيئة لتحقيق الاستدامة وخطتها لتحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في إنتاج ومشاركة ونشر المعرفة حول التنمية المستدامة والتمويل الأخضر، وهوما يتفق مع استراتيجية التنمية المستدامة لوزارة التخطيط ” رؤية مصر 2030 ” كمرجع محلي للتنمية المستدامة.
وبحسب عمران فإن التقرير يسلط الضوء في أحد اقسامه على الأداء العام للهيئة وإنجازاتها الرئيسية بصفتها جهة رقابية تنظيمية، ويكشف عن مجموعة العوامل المحفزة التي اعتمدت عليها لتطوير السوق، وفى مقدمتها تمكين القطاع الخاص ودعم توسعه حيث يرصد التقرير أول إصدار لسندات الشركات منذ عام 2015 بعدما أجازت الهيئة أول برنامج لطرح سندات قصيرة الأجل بمبلغ 2 مليار جنيه لإحدى شركات الوساطة في الأوراق المالية، وما يٌتيحه من توفير التمويل اللازم لمزاولة نشاطها، والحافر الثانى ويتمثل فى بناء القدرات وما يرتبط به من إلمام بقواعد الحوكمة التي دأب على نشرها مركز المديرين المصري عبر ما نفذه من 75 برنامج تدريبي متخصص في الحوكمة، إضافة إلى تكوين الوعى المالى لتمكين اللاعبين في الأسواق المالية غير المصرفية من الامتثال للقواعد والتشريعات والإجراءات التي تعدها الهيئة، وثالثا حافز ابتكار حلول وخدمات مالية غير تقليدية من شأنها تسهيل وصول المستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل كما حدث من الموافقة على طرح منتج مالي جديد في قطاع التمويل متناهي الصغر أٌطلق عليه التمويل الأصغر “النانو” والذي يستلزم توفيره استخدام الهواتف المحمولة وتطبيقات التكنولوجيا المالية، بحد أقصى 3 آلاف جنيه مصري لكل معاملة والحد الأقصى لفترة السداد 90 يومًا.
ونوه د. عمران بما رصده تقرير “الاستدامة السنوي 2019″ للهيئة في العام الثاني لتنفيذ استراتيجيتها الشاملة للأنشطة المالية غير المصرفية، من تطوير خطة عمل الهيئة لتحديد الركائز التي تنفذ رؤيتها بشكل أفضل لدمج ممارسات الاستدامة في الهيئة والجهات العاملة في السوق المالي غير المصرفي، حيث عرض التقرير تجربة الإدارة العامة للتنمية المستدامة – بالهيئة – وسعيها لتحديد أولويات أهداف التنمية المستدامة، والخطوات الإجرائية التفصيلية التي تم إتباعها لاختيار أربعة أهداف للتنمية المستدامة تصبح أهدافاً ذات أولوية للهيئة، وهي العمل المناخي (الهدف رقم 13)، والمساواة بين الجنسين (الهدف رقم 5)، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد (الهدف رقم 8)، والاستهلاك والإنتاج المسؤولان (الهدف رقم 12). وما يرتبط بتلك الأهداف من تحديد للموضوعات الجوهرية ذات الأهمية النسبية لعام 2019 وتتفق مع مصالح أصحاب المصلحة الذين حددوا وفقا للأولوية أدوات التمويل الخضراء، ثم قيادة المرأة في القطاع المالي غير المصرفي، ثم تشجيع الاستهلاك والإنتاج المؤسسي.
وأضاف رئيس الهيئة أن القسم السابع بعنوان” أهم معالم الاستدامة ” من التقرير السنوي الثاني للاستدامة سلط الضوء على ما حدث من تقدم في ادخال الأدوات المالية الخضراء وما لازم ذلك من صدور ثلاث قرارات مؤثرة لتنظيم الإصدار الأول في سوق المال بدأت بتحديد القائمة الأولية لمراقبي البيئة الدوليين للتحقق من المشروعات الخضراء، تبعه إنشاء سجل للمراقبين البيئيين المحليين المستوفين لمعايير الهيئة والمؤهلين للرقابة على المشروعات الخضراء من أجل تسهيل إصدار السندات الخضراء في مصر، وخلق سوق محلي من المدققين البيئيين المستقلين، ووصولا لإعفاء مصدري السندات الخضراء من 50% من إجمالي مقابل خدمات الهيئة. كما تم البدء في صياغة الاستراتيجية القومية للتأمين المستدام، والتي تعد الأولى من نوعها في المنطقة العربية وأفريقيا، تضع خارطة طريق لذلك النشاط من أجل تضمين مبادئ التأمين المستدام في صناعة التأمين.
ولتمكين القيادات النسائية في القطاع المالى غير المصرفي ألزمت الهيئة الشركات المقيدة لها أوراق مالية بالبورصة وكذلك الشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بأن تشغل المرأة مقعد واحد على الأقل في مجالس إداراتها، وعلى المستوى الداخلي للهيئة عملت على مقاربة نسبة عدد الإناث إلى نسبة الذكور الحالية بين العاملين بها، من خلال توظيف المزيد من الإناث. بعد أن كشف الوضع الحالي عن احتلال المرأة لنسبة 20% من مناصب رؤساء الإدارات المركزية، 37% من مناصب مديري العموم، و34% من المديرين الذين يعتبروا الإدارة الوسطى بالهيكل التنظيمي، و65% من المتدربين الجدد.
ولتعزيز الاستهلاك والإنتاج المستدامين قامت الهيئة بتركيب نظام توفير مياه في مبناها بالقرية الذكية، حيث قام هذا النظام بتوفير حوالي 50٪ من إجمالي حجم المياه المستهلك، والبدء بدراسة مشروع تحسين وكفاءة الطاقة للإضاءة والأجهزة.
كما لفت د. عمران أن تقرير الاستدامة السنوي في عامه الثاني قد تتبع أداء الهيئة في تعزيز الشمول المالي من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر في قطاع التمويل متناهي الصغر، والتي تخدم أيضًا الهدف الأول من استراتيجية الهيئة باستهدافه تعزيز معدلات النمو الاحتوائي. وتبنى الهيئة للتحول الرقمي ليكون منهجها الرئيسي لتحقيق الأهداف العشرة لاستراتيجيتها الشاملة للخدمات المالية غير المصرفية (2022-2018)، وتحفيز النمو المستدام للقطاع المالي غير المصرفي عبر دمج التكنولوجيا المالية Fintech وتسريع استخدامها في كافة الأنشطة المالية غير المصرفية، ومكافحة غسل الأموال للحد من الفساد في القطاع المالي غير المصرفي وزيادة مستويات الشفافية والإفصاح.
والجدير بالإشارة ان تقرير “الاستدامة السنوي 2019” للهيئة – هذا العام- قد صدر من خلال الامتثال لمعايير المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI) كخيار أساسي؛ حيث وضعت المبادرة معايير لتعليم وتعزيز ودفع تبني تلك المعايير من قبل الفاعلين في السوق في القطاع المالي غير المصرفي. علاوة على ذلك، حرصت الهيئة على إنشاء إطار فريد للاستدامة يتوافق مع إطار عمل الأمم المتحدة العالمي لأهداف التنمية المستدامة، وبما يتماشى مع متطلبات معايير المبادرة العالمية لإعداد التقارير.