توقع البنك الدولي، تسجيل انخفاض التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون والمغتربون إلى بلدانهم، بنسبة 14% بنهاية 2021، نتيجة جائحة كورونا، وهي نظرة مستقبلية أفضل قليلاً من التقديرات في وقت سابق خلال الجائحة، التي لا تناقض حقيقة أن هذه تراجعات غير مسبوقة، بحسب تقرير البنك عن عام ٢٠٢٠، المنشور ضمن نشرته الأسبوعية.
كما توقع البنك أن تشهد كل المناطق تراجع التحويلات المالية، وأن تُسجِّل أوروبا وآسيا الوسطى أكبر تراجع، ومع هذه التراجعات، من المرجح أن تهبط أعداد المهاجرين والمغتربين في عام 2020، وذلك للمرة الأولى في التاريخ الحديث، مع انحسار أعداد المهاجرين والمغتربين الجدد وزيادة أعداد العائدين منهم.
ولفت إلى أن التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون والمغتربون إلى بلدانهم تزايدت أهمية الدور الذي تلعبه خلال العقود الماضية، في تخفيف وطأة الفقر وتعزيز النمو، «في العام الماضي فقط، كانت هذه التدفقات المالية مساويةً للاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدات الإنمائية الرسمية (من حكومة إلى حكومة)».
وشدد البنك الدولي على أن الإغلاقات العامة الناجمة عن الجائحة أثَّرت تأثيراً شديداً على منشآت الأعمال والوظائف، حيث تتعرض الشركات فى شتَّى أنحاء العالم، لاسيما المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في بلدان العالم النامية، لضغوط شديدة، إذ إن أكثر من نصفها لم تسدد ما عليها من متأخرات مستحقة الدفع أو من المرجح أن تتخلَّف قريباً عن السداد.
ولفت البنك إلى نظرته لعام 2020، قائلا إنه في مثل هذا الوقت من العام الماضي لم تكن تعبيرات مثل “الإغلاقات العامة” و”إلزامية ارتداء الكمامة” والتباعد الاجتماعي معروفةً لمعظمنا، لكنها اليوم جزء من لغة حياتنا اليومية، إذ إن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) مازالت تُؤثِّر على كل مناحي حياتنا..
وتابع أنه على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، ألحقت جائحة كورونا أشد الضرر بالفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً، فيما تُنذِر الآن بسقوط ملايين من الناس في براثن الفقر، «بعد عقود من التقدم المطرد في الحد من أعداد الفقراء الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، سيكون هذا العام إيذاناً بأول انتكاسة لجهود مكافحة الفقر المدقع في جيل كامل».
وأطلق البنك تحذيراً بأن الجائحة أفضت إلى سقوط 88 مليون شخص آخر في براثن الفقر المدقع هذا العام، مضيفا أن ذلك الرقم هو مجرد قراءة أولية، بينما في سيناريو أسوأ الأحوال، فإن هذا الرقم قد يرتفع إلى 115 مليوناً.
وتوقَّعت مجموعة البنك الدولي أن تكون أكبر شريحة من “الفقراء الجدد” في جنوب آسيا، تليها مباشرة منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
ووفقاً لأحدث نسخة من تقرير الفقر والرخاء المشترك، فإن “كثيراً من الفقراء الجدد يشتغلون على الأرجح في قطاعات الخدمات غير الرسمية، والإنشاءات، والصناعات التحويلية – وهي القطاعات التي تأثَّر فيها النشاط الاقتصادي بشدة من جراء الإغلاقات العامة والقيود الأخرى على الحركة والانتقال.”
وتابع البنك أن القيود التي فُرِضت لكبح انتشار الفيروس، ومن ثمَّ تخفيف الضغوط على أنظمة الرعاية الصحية المُنهكة والضعيفة، كان لها تأثير هائل على النمو الاقتصادي.
فيما قال إصدار شهر يونيو من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية: “لقد أحدثت الجائحة أزمة عالمية ليس لها مثيل – أزمة صحية عالمية، علاوةً على خسائر بشرية هائلة – أفضت إلى أشد ركودٍ شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية”، وتنبَّأ التقرير بانكماش الاقتصاد العالمي وكذلك متوسط نصيب الفرد من الدخل هذا العام ليدفع بملايين من الناس في هوة الفقر المدقع.
وأوضح أن هذه التداعيات الاقتصادية تُضعِف قدرة البلدان على الاستجابة على نحو فعَّال للتأثيرات الصحية والاقتصادية للجائحة، وحتى قبل تفشِّي الجائحة، كان نصف كل البلدان منخفضة الدخل تقريباً تعاني بالفعل من ضائقة مديونية أو في خطر التعرض لها، مما لا يتيح لها مجالاً للتحرك على صعيد المالية العامة لمساعدة الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً الذين تضرروا بشدة من جراء الجائحة.