بعد أن ظل لعقود طويلة لا يجد الإهتمام الكافي من الدولة رغم أهميته الكبيرة في الحياة الإقتصادية والإجتماعية وتوفير التمويل من خارج القطاع البنكي وخلق فرص العمل، يعتبر العام 2014 وهو عام تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مهام منصبه ، هو بداية إعلان قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية عن نفسه في مصر وذلك بعد توجيهات الرئيس من اليوم الأول بالإهتمام بهذا القطاع الذي يضم أنشطة غاية في الأهمية منها التأمين والتمويل العقاري والتخصيم وسوق المال وما تم إضافته من أنشطة مثل التمويل متناهي الصغر والتمويل الإستهلاكي والرعاية الصحية وغيرها ينتظر إضافتها.
الاستجابة لتوجيهات الرئيس السيسي داخل قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية كانت سريعة، وبعد أشهر قليلة من حلف الرئيس اليمين الدستورية في يونيو 2014 ، حيث صدر في نوفمبر من ذات العام أول قانون في تاريخ مصر لتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر وبدأ بالترخيص لعدد محدود من الجمعيات والشركات لم يتعدى العشرات، وفي ظل الاهتمام المستمر والمتابعة والتعديلات التشريعية لمواكبة التطورات والتي شهدها القطاع خلال الفترة من 2018 وحتى 2020 قفز عدد الشركات والجمعيات إلى قرابة الألف جمعية وارتفع عدد المستفيدين من تمويلاتها إلى قرابة 3.5 مليون مستفيد وحجم تمويلات ناهز ال 17 مليار جنيه في 2020.
ومواكبة للإهتمام الكبير من الرئيس عبد الفتاح السيسي بقطاع الاسكان والعقارات والمشروعات الكبرى والتوسع في إنشاء المدن الجديدة ضمن استراتيجية الرئيس لتوسيع الرقعة السكنية والابتعاد عن أماكن التكدس السكاني، قامت الهيئة في 2015 بإجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري وما تبعها من قرارات في 2018 والتي أسهمت في إحداث طفرة في حجم التمويلات داخل القطاع ممن 2ر4 مليار جنيه في 2013 إلى 3ر13 مليار جنيه في 2019 بنسبة نمو أكثر من 216%.
ولم ينته عام 2015، إلا بإنجاز أخر داخل قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية، نابعا من الثقة التي منحها الرئيس للقائمين على القطاع ليصدر أول قانون فى مصر لتنظيم الضمانات المنقولة ثم في مارس 2018 صدر القرار بدء العمل بسجل الضمانات المنقولة الذي أحدث طفرة في تيسير منح التمويل وتخفيض مخاطره لاسيما للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تفعيل إنشاء أول سجل إلكتروني في مصر لشهر حقوق الضمان للدائنين، وبلغت قيمة الإشهارات نحو 700 مليار جنيه في بدايات 2020.
وفي مجال التأمين، يعد مشروع قانون التأمين الموحد الذي ينأعدته هيئة الرقابة المالية في 2019 تظر مجلس النواب لإقراره أبرز الإنجازات في هذا القطاع الحيوي، إلولم قطاع لم ينتظر قانونه الجديد، ليسجل طفرات غير مسبوقة في نشاطه لتقفز جملة الأقساط للأشخاص والممتلكات من 7ر12 مليار جنيه في 2013 إلى 1ر35 مليار جنيه في 2019، والتعويضات من 9ر6 مليار جنيه إلى 2ر18 مليار جنيه وصافي الأصول من 7ر47 مليار جنيه إلى 2ر118 مليار جنيه والاستثمارات من 3ر42 مليار جنيه إلى 102 مليار جنيه وجقوق المساهمين من 8ر7 مليار جنيه إلى 35 مليار جنيه وحقوق حملة الوثائق من 34 مليار جنيه إلى 69 مليار جنيه، وأيضا في مجال صناديق التأمين الخاصة، وبعد صدور تعديلات اللائحة التنفيذية لقانونها تضاعفت أصولها إلى قرابة 80 مليار جنيه.
وفي ضوء الإهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لكافة الشرائح والطبقات بالمجتمع وتوفير التأمين اللازم لهم، فقد تم بدءا من عام 2018 إتخاذ العديد من الاجراءات والتعديلات لسيع نطاق التغطيات التأمينية لتضم طلاب المدارس والجامعات وطلبة الأزهر الشريف بما يجعل قراب نصف سكان مصر يتمتعون بمظلة تأمينية، ولم يتم الإكتفاء بذلك بل توسعت المظلات التأمينية لتفي 2020 شمل التأمين متناهي الصغر لأول مرة في مصر وأيضا توسيع نطاق التأمين المصرفي بالتعاون بين هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي المصري.
ومع جهوده المتواصلة لزيادة حجم الاقتصاد ودفع معدلات النمو، أصدر رئيس الجمهورية القانون رقم 176 لسنة 2018 والخاص بتنظيم نشاطي التأجير التمويلي والتخصيم بعد موافقة مجلس النواب ليمثل أحد الخطوات الطموحة لتطوير التشريعات المنظمة للأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، حيث أسهم نشاط التأجير التمويلي في إتاحة التمويل متوسط وطويل الأجل للمشروعات وبصفة خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة. بما يمكن هذه المشروعات من حصول الأصول الرأسمالية على التمويل اللازم من خلال إبرام عقود تأجير تمويلي لفترات متوسطة وطويلة الأجل تنتهي بتملك المشروعات لتلك الأصول، لتقفز أرقام عقود التأجير التمويلي من 1ر6 مليار جنيه في 2013 إلى 56 مليار جنيه في 2019.
في 2016، صدرت تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، وشملت العديد من الإضافات التي إنعكست إيجابيا على نشاط سوق المال في مصر، منها استحداث السندات المغطاة والسندات غير الحاصلة على تصنيف ائتماني للتيسير على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحصول على التمويل وصناديق الاستثمار الخيرية، وغيرها الكثير فيما يخص سوق رأس المال، حيث قفز إجمالي قيمة إصدارات الأسهم والسندات من 59 مليار جنيه في 2013 إلى 220 مليار جنيه في مطلع 2020.
ولم تكن بورصة الأوراق المالية بعيدة عن إهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث وجه من بداية عام 2015، بضرورة تنشيط البورصة واحياء برنامج الطروحات الحكومية،و في 2019 تلاها اعلان الاتجاه لطرح شركات تابعة للقوات المسلحة بالبورصة، ثم توجيهه المباشر للبنك المركزي ب في مارس 2020تخصيص 20 مليار جنيه لدعم البورصة في مواجهة تداعيات فيروس كورونا.
التفاعل المتواصل من الرئيس السيسي بالبورصة ساهم في زيادة نشاط السوق وإرتفاع متوسط التداول اليومي إلى أكثر من 5ر1 مليار جنيه في 2019 مقابل 300 مليون جنيه قبل 2013، ليصل إجمالي قيم التداول في 2019 على سبيل المثال الى 410 مليارات جنيه مقابل 162 مليار في 2013، وقفز رأس المال السوقي للبورصة من 427 مليار جنيه في 2013 إلى 708 مليارات جنيه بنهاية 2019.
سوق رأس المال ، كانت محل إهتمام مستمر من الرئيس السيسي، وكان تطويره وزيادة حجمه لتعزيز دوره في الإقتصاد من أهم التوجيهات الرئاسية، حيث يشكل عام 2018 نقطة تحول ليس فقط على صعيد سوق المال بل على صعيد الأنشطة المالية غير المصرفية كلها، ليبدأ العام بصدور تعديلات قانون سوق رأس المال لتكون الأكبر على مدار 26 عاما وعكست التوجه الإستراتيجى لزيادة كفاءة وعمق سوق المال المصري بإستحداث أدوات مالية جديدة تجذب مزيد من الاستثمارات ، خلق تنوع فى الأدوات المالية المتداولة فى مصر، بما يتيح إختيار أداة التمويل الآنسب لكل جهة وفقا لسياساتها المالية.
شملت تلك التعديلات ولأول مرة في تاريخ مصر إيجاد تنظيم لبورصات العقود الآجلة وإعادة تنظيم اصدار وتداول صكوك التمويل، تخفيض رسوم قيد الأوراق المالية بالبورصة المصرية والسماح بإصدار أدوات دين قصيرة الأجل بإجراءات ميسرة والسماح للشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بمباشرة نشاط صناديق الاستثمار بنفسها دون تطلب إنشاء شركة لهذا الغرض والسماح للبنوك التي تساهم في شركة صندوق الاستثمار بحفظ الأوراق المالية لديها وإنشاء اتحاد للشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية وتنظيم قواعد الطرح الخاص للأوراق والادوات المالية واستحداث السندات الخضراء كأدوات دين لتوفير التمويل للمشروعات الصديقة للبيئة وتشجيع التوسع فى الاقتصاد الأخضر وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفي مارس 2020 إصدار رئيس الجمهورية القانون رقم ( 18 ) لسنة 2020 والخاص بتنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي على نحو يستهدف زيادة القوة الشرائية للمواطنين وينظم نشاط يقترب حجمه من 100 مليار جنيه ، وفي ضوء قوة الدفع للانشطة المالية المصرفية، اعدت الهيئة عددا من مشروعات القوانين رفعتها الحكومة الى البرلمان وينتظر إقرارها منها تعديلات قانوني التمويل متناهي الصغر ليشمل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، وقانون التأمين الشامل الموحد، فيما كان مجلس النواب قد أقر قبل أسابيع قانون الإيداع والقيد المركزي بما يسمح بإنشاء شركات تسوية ومقاصة متخصصة في الأوراق المالية الحكومية وأخرى للعقود الآجلة.
ويعد صدور القرار الجمهوري في 2019 بإنشاء مركز التحكيم في المنازعات في الأنشطة المالية غير المصرفية أحد أهم الإنجازات في القطاع المالي غير المصرفي بجانب وينتظر إنجازا أخر بصدور قرار جمهوري بإنشاء المركز المصري للتمويل المستدام، فضلا عن إنشاء صندوق حماية حملة وثائق التأمين في 2019، كما صدر أول دليل للإستدامة في تاريخ مصر في ذات العام.
ودوليا وفي إطار توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوطيد العلاقات الخارجية ورفع أسم مصر في المحافل الدولية فقد تم انتخاب مصر في 2014 عضوا بمجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال الأيوسكو ممثلة في هيئة الرقابة المالية ممثلا عن الأسواق النامية والناشئة، كما انتخبت مصر عضواً باللجنة التنفيذية لمنظمة مراقبي صناديق التأمين ، كما انضمت لعضوية الشبكة الدولية للمراكز المالية المعنية بالاستدامة، بالإضافة لانضمام الهيئة إلى منتدى التأمين المستدام لتصبح ثاني دولة عربية تنضم للمنتدى، وأيضا لمبادرة الاتفاق العالمي للأمم المتحدة لتصبح المؤسسة الحكومية رقم 206 ضمن الهيئات والمؤسسات الحكومية على مستوى العالم المنضمة لتلك الاتفاقية.
وعلى الصعيد الدولي أيضا وفي إطار الجهود المبذولة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي فازت هيئة الرقابة المالية بجائزة الهيئة الأكثر تطورا وابتكارا في 2018 سبقها وفاز رئيسها بجائزة الشخصية الأكثر تأثيرا في سوق المال في إفريقيا، كما تقدمت مصر 15 مركزاً في أهم تقييم لحماية المستثمرين، إلى المركز الـ 57 ليصبح هذا المؤشر هو أفضل مؤشرات مصر وذلك طبقاً لتقرير ممارسة الأعمال الذي أصدره البنك الدولي لعام 2020 ، وتتخطى 76 مركز على مؤشر ” حماية صغار حملة الأسهم ” في تقرير ممارسة الأعمال خلال أربعة أعوام يمثل عامل جذب للاستثمار في سوق رأس المال المصري.