نشر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريره لأبرز التكنولوجيات الناشئة في 2019، والتي تعكس سرعة كبيرة في الابتكار البشري وتقدم لمحة عن شكل المستقبل المستدام، من خلال تقنيات تساهم في حل العديد من التحديات التي تواجه العالم في الوقت الحاضر من عدم المساواة في الدخل وحتى التغير المناخي.
واعتمد تصنيف أهم التكنولوجيات هذا العام على عدة معايير من بينها المنافع العديدة التي تقدمها هذه التكنولوجيات للمجتمعات والاقتصادات، وقدرتها على إحداث تحول كبير في الصناعات وجذب المستثمرين والباحثين، وتوقعات بتحقيقها إنجازات كبيرة في غضون خمس سنوات، وفي التالي أبرز 10 تكنولوجيات ناشئة هذا العام.
10- تخزين الطاقة المتجددة
يتزايد اتجاه العالم نحو توليد الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، إلا أن هناك حاجة لتخزين الطاقة المتولدة عن هذه المصادر لاستخدامها عندما لا تكون الشمس مشرقة أو الرياح هادئة، وهنا تأتي أهمية بطاريات الليثيوم أيون التي تشكل مستقبل تخزين الطاقة ومستقبل السيارات الكهربائية صديقة البيئة.
يشير تقرير صادر عن وكالة “بلومبرج” في مارس 2019 إلى أن تكلفة إنتاج الكهرباء من بطاريات الليثيوم أيون انخفضت بنسبة 76% منذ عام 2012.
ويتوقع الخبراء أن تهيمن بطاريات الليثيوم أيون على سوق تخزين الطاقة خلال الخمس إلى عشر سنوات القادمة، وسوف تؤدي التطورات المستمرة إلى إنتاج بطاريات قادرة على تخزين مقدار من الطاقة يتراوح بين أربع إلى ثماني ساعات.
9- تخزين بيانات الحمض النووي
تشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2020 سوف يتم إنتاج 1.7 ميجا بايت من البيانات في الثانية الواحدة للشخص الواحد على مستوى العالم، الأمر الذي يعني إنتاج 418 زيتا بايت من البيانات خلال عام واحد، ومع بلوغ عدد سكان العالم 7.8 مليار، وهو الرقم الذي يتزايد باستمرار، فإن أنظمة التخزين الضوئية الحالية لا يمكنها البقاء لأكثر من قرن، وبالإضافة إلى ذلك تستهلك مراكز البيانات كمية ضخمة من الطاقة، مما يعني أيضًا أن العالم على وشك مواجهة مشكلة حقيقية فيما يتعلق بتخزين البيانات.
يحاول الباحثون إيجاد بديل لتخزين البيانات يعتمد على الحمض النووي، والذي يتكون من سلسلة طويلة من النيوكليوتيدات التي تخزن وتنقل المعلومات الوراثية، ويمكن تخزين كميات هائلة من البيانات باستخدام هذه الطريقة.
8- مفاعلات نووية آمنة
شهد العالم العديد من حوادث المفاعلات النووية التي تسببت في كوارث بيئية مثل انفجار مفاعل تشيرنوبل عام 1986، ومن أجل تجنب المزيد من الحوادث تقوم شركات مثل “ويستنجهاوس إلكتريك” و”فراماتوم” بتطوير وقود يتحمل الأخطاء المتسببة في الحوادث، والذي يتسم بأنه أقل عرضة لارتفاع درجة الحرارة، وحتى في حالة حدوث ذلك سوف يُنتج هذا الوقود كميات ضئيلة من الهيدروجين أو لا ينتجه على الإطلاق، مما يساعد على الحد من التفاعلات، وإلى جانب ذلك يساعد هذا الوقود الجديد محطات توليد الطاقة على العمل بكفاءة أكثر ويقلل من تكاليف إنتاج الطاقة النووية.
7- تتبع المواد الغذائية
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية يُصاب نحو 600 مليون شخص سنويًا بالتسمم الغذائي، ويموت 420 ألف شخص نتيجة لذلك، ويرجع ذلك بسبب صعوبة تتبع مصدر الأغذية الملوثة بسبب انتقال الأغذية بعدة مراحل بداية من المزرعة وحتى طاولة المستخدم.
ومن أجل تجنب التسمم الغذائي تقوم الشركات والمعامل حاليًا بتطوير أجهزة استشعار صغيرة يمكنها مراقبة جودة وسلامة الطعام، فعلى سبيل المثال ابتكرت “تايم ستريب” و”فيتساب” علامات استشعار يتغير لونها إذا تعرض المنتج لدرجات حرارة أعلى من المُوصي بها، كما تبيع شركة “إنسيجنيا تكنولوجيز” جهاز استشعار يتغير لونه ببطء بعد فتح علبة الطعام، ويشير إلى الوقت الذي تنتهي به صلاحية الطعام للاستخدام.
6- التعاون عن بعد
سهلت التطبيقات الحديثة مثل “سكايب” إمكانية تعاون الأشخاص عن بعد، إلا أن التطور الكبير في تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي يمكن أن يساهم في زيادة انتشار التكنولوجيات التي تساعد على التعاون عن بعد وبأسعار معقولة.
تتسابق شركات الاتصالات على استخدام شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة والتي بإمكانها معالجة البيانات الضخمة التي ترسلها أجهزة الاستشعار المتطورة، ويحاول المبتكرون استخدام مثل هذه التقنيات لتمكين الأشخاص من التواصل عن بعد بطريقة أكثر فاعلية وشبيهة بالتواصل في العالم الواقعي، مثل أجهزة استشعار “هابتيك” التي تمكن المستخدمين من الشعور بملمس الأجسام الافتراضية داخل الأجهزة.
وعلى الرغم من أن التواصل عن بعد بشكل متطور لا يزال تقنية ناشئة جدًا، إلا أن من المتوقع أن تشهد هذه الصناعة تحولاً كبيرًا خلال ثلاث إلى خمس سنوات.
5- الأسمدة الذكية للحد من التلوث البيئي
من أجل توفير الطعام لسكان الأرض الذين يتزايد عددهم باستمرار يحتاج المزارعون إلى زيادة المحاصيل الزراعية واستخدام المزيد من الأسمدة، والتي يتسبب معظم المتاح منها حاليًا في التلوث البيئي، إذ تتغذى النباتات على كمية ضئيلة من المواد المفيدة في الأسمدة، بينما يتجمع معظم النيتروجين في الغلاف الجوي، ويجد الفوسفور طريقه إلى قنوات المياه مما يتسبب في نمو الطحالب بشكل مفرط.
وقد طور العملاء مؤخرًا أسمدة يمكن التحكم في الانبعاثات الناتجة عنها، وذلك بفضل استخدام مواد وتقنيات تصنيع متطورة، يمكنها تغيير معدلات المواد المنبعثة وغير المرغوب بها من المغذيات وفقًا لدرجة حرارة التربة أو حموضتها أو رطوبتها، فعلى سبيل المثال توصلت إحدى الشركات لتقنية تربط معدل المواد المنبعثة من المغذيات بدرجة الحرارة فقط، بحيث كلما زادت درجة الحرارة زادت معدلات نمو المحاصيل وزادت انبعاثات المغذيات أيضًا.
4- البروتينات المضطربة
تمكن العلماء منذ عقود من التعرف على نوع خاص من البروتينات التي تتسبب في أمراض عديدة مثل السرطان والتصلب العصبي المتعدد، والتي تُعرف باسم “البروتينات المضطربة”، والتي تختلف عن البروتينات ذات التكوينات الثابتة، إذ تتسم “البروتينات المضطربة” بعناصر تتغير باستمرار.
وعلى الرغم من عدم تمكن الباحثين حتى الآن من إيجاد عقاقير لعلاج هذا النوع من البروتينات، نظرًا لأن الأدوية الموجودة حاليًا تتطلب مكونات ثابتة وغير متغيرة حتى تتمكن من استهدافها، إلا أن هذه المشكلة باتت على وشك أن تحل بفضل استخدام العلماء لمكونات ثابتة من الفيزياء الحيوية وقدرات حسابية من أجل التوصل لفهم أفضل للطريقة التي تعمل بها “البروتينات المضطربة”.
تعمل العديد من الشركات على إيجاد علاج لهذا النوع من البروتينات، مثل شركة ” Graffinity Pharmaceuticals” التي تمكنت من تحديد جزيئات صغيرة لاستهداف بروتينات مضطربة تتسبب في ألزهايمر.
3- عدسات صغيرة لأجهزة مصغرة
على الرغم من تطور الجوال وأجهزة الكمبيوتر وغير ذلك من أجهزة إلكترونية وإمكانية تصنيعها بحجم أصغر، إلا أن العدسات على الجانب الآخر لا يصغر حجمها لتتناسب مع هذه الأجهزة، ويرجع ذلك إلى صعوبة صنع عدسات صغيرة باستخدام التقنيات التقليدية لقطع وتقويس الزجاج.
اكتشف المهندسون مؤخرًا بديلاً أصغر وأخف لتصنيع العدسات الصغيرة والذي يُعرف باسم “العدسات المعدنية”، ويمكن لهذه العدسات أن توفر قوة تصغير أكبر في المجاهر، وغير ذلك من أدوات المعمل والمنتجات الاستهلاكية بما في ذلك الكاميرات وسماعات الواقع الافتراضي وأجهزة الاستشعار البصرية.
ولا تزال هذه العدسات تواجه عدة تحديات في الوقت الحاضر مثل ارتفاع تكلفتها وعدم نقلها الضوء بكفاءة مثل العدسات التقليدية، وهي ميزة مهمة لالتقاط الصور بالألوان، كما أنها صغيرة للغاية ولا يمكنها التقاط كمية كبيرة من الضوء، مما يعني عدم قدرتها على التقاط صور ذات جودة عالية في الوقت الحاضر، ورغم ذلك فمن المتوقع حل هذه المشكلات خلال السنوات القادمة والتوصل إلى طريقة لإنتاج عدسات أصغر لأجهزة أصغر حجمًا.
2- الروبوتات الاجتماعية
من المتوقع أن تصبح الروبوتات الاجتماعية أكثر تطورًا وانتشارًا خلال السنوات القليلة القادمة، بحيث تصبح أكثر قدرة على التفاعل مع البشر وأداء المزيد من المهام المفيدة.
وتعتمد الروبوتات الاجتماعية (مثل باقي الروبوتات) على تقنية الذكاء الاصطناعي حتى تتصرف بناءًا على المعلومات الواردة لها من الكاميرا ومن أجهزة الاستشعار الأخرى، وقد ساعدت التطورات في قطاع الذكاء الاصطناعي مصممي هذه الروبوتات على تطوير روبوتات قادرة على التعرف على الأصوات والوجوه والمشاعر وترجمة الكلام والإيماءات، والاستجابة للإشارات اللفظية وغير اللفظية المعقدة، والتكيف مع احتياجات الأشخاص.
تمكنت شركة “سوفت بنك روبوتيكس” من تصنيع الروبوت “فلفل” الذي يبلغ حجمه 47 بوصة، والذي يمكنه التعرف على الوجوه والمشاركة في المحادثات عبر شاشة تعمل باللمس، ويوجد الآن نحو 15 ألف روبوت “فلفل” في جميع أنحاء العالم يؤدون مهمات مثل تسجيل إجراءات الوصول في الفنادق، وخدمة العملاء في المطارات وغير ذلك من مهام في المطاعم والمتاجر.
1- البلاستيك الحيوي للاقتصاد الدائري
تستهلك المجتمعات كمية كبيرة من البلاستيك، فوفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي شهد عام 2014 وحده إنتاج 311 مليون طن متري بلاستيك، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2050.
وفي حين يتم إعادة تدوير أقل من 15% من نفايات البلاستيك، فإن النسبة المتبقية إما يتم حرقها أو إلقائها في مدافن النفايات، ونظرًا لأن البلاستيك لا يُحلل فيمكن لهذه النفايات أن تبقى لمئات السنين، ويمكنها أن تتراكم في المحيطات متسببة في موت الأسماك عند ابتلاعها بالخطأ ويمكنها دخول أجسام البشر عبر تناول الأسماك الملوثة أيضًا.
ويأتي هنا دور البلاستيك الحيوي والقابل للتحلل للحد من هذه المشكلات، والذي يعزز الاقتصاد الدائري الذي لا تنتج عنه نفايات، ويتم إنتاج البلاستيك الحيوي حاليًا من الذرة وقصب السكر ونفايات الزيوت، كما توصل الباحثون إلى إمكانية صنع البلاستيك الحيوي من السليولوز وهي مادة موجودة في جميع أنسجة النباتات، مما يمثل اكتشافًا هامًا، نظرًا لتوافر هذه المادة بكثرة على كوكب الأرض.